dimanche 21 octobre 2007

في الأسماء

الاثنين: بؤس الأرقام تلقي آدم الأسماء من ربه كضرورة للحياة، واخترع ابناؤه الأرقام لحاجتهم إلي الموت!ا
كانت معرفة الأرقام والحساب أكبر إنجاز عرفته البشرية وقادها إلي مراكمة الاختراعات، لكنها سهلت في الوقت نفسه القتل علي ضمائر القتلة، ليس فقط لأن كل وسائل الإبادة تقوم علي معادلات رقمية، بل لأن الضحايا صارت أعداداً بلا أسماء.ا
لم تزل واقعة القتل الأولي علي الأرض ماثلة لأن للقتيل هابيل اسماً يدل عليه إلي اليوم، ولم تزل مأساة الحسين تتجدد كل عام لأن له اسماً.ا
ولو لم تخترع الأرقام، لكانت ذاكرة الأجيال مطالبة بحفظ أسماء كل ضحايا الحروب. وحينذ لم يكن للضمائر أن تتحمل كل هذا القتل.ا
الثلاثاء: أصل الوجود
لدي قدماء المصريين لم يكن الاسم مجرد قرين للذات. كان الوجود نفسه، محو الاسم معناه أن الشخص لم يوجد من الأساس، ولن تتعرف عليه كائنات العالم السفلي. وبهذه الطريقة استطاعوا تمييز تخريب اللصوص العاديين الذين لايأبهون للخلود وبين تخريب الخصوم السياسيين الذين امتدت أيديهم لمحو الأسماء.ا
وقد تواصل الاعتقاد بقوة الاسم إلي اليوم، فإلي جانب الدعوات العصرية مثل: اللي تدوسه عربية، أو اللي يقطعه قطر لم يزل المصريون يدعون علي من يكرهون بـ اللي ما يتسمي أي الذي ينتفي وجوده!ا
ولايتكفل الاسم بخلق صاحبه البشري فقط، بل يخلق الأشياء والكائنات الأخري، يقولون المرض الوحش حتي لايجرجر اسم السرطان المرض إلي جسد القائل أو أي من السامعين، ويقولون علي مكان المسكون بالعفاريت فيه بسم الله الرحمن الرحيم !ا
والاسم الحسن مثار حسد. وعادة ما تأتي الأسماء القبيحة للذكور كتعويذة ضد الموت الذي جذبته الأسماء الجميلة لأخوة سابقين. لذا فعندما تلتقي بـ الجحش ، أو شلضم لاتفكر بمأساته؛ فكر بمأساة أمه، وكم دفنت قبله من مواليد قبل أن تعلق في رقبته هذه الفزاعة.ا
الخميس: عبد وإبن عبد
المثل الشعبي يقول: لو الأسماء بتنشري كان الفقير سمي ابنه خرا وليس هناك من أطلق علي ابنه اسماً بهذه البشاعة، لكن الأسماء ظلت طبقية في مصر حتي قيام ثورة يوليو. ولم تزل الأسماء القادمة من الماضي حتي النصف الأول للقرن العشرين تحمل طابعها الطبقي واضحاً، مثلها مثل وجود صورة فوتوغرافية.ا
وعلي الرغم من أن مبادئ الميثاق العشرة المكتوبة تبددت، فإن المبدأ غير المكتوب بالقضاء علي الإقطاع في الأسماء لم يزل سارياً، ولم يزل بمقدور المعدمين أن يسموا الأسماء التي تعجبهم، وخاصة البنات حيث يتمتعن بالتنوع الذي لأزيائهن في مقابل محدودية خيارات الأولاد.ا
بوسع ساكني العشش أن يسموا نازلي وسوزي وباكينام وشاهيناز. وكثيراً ما تكون النتائج مضحكة في النهاية، لكن الحق محفوظ، ولايمتنع عنه إلا قلة بدافع من الحياء. واحد من هذه القلة هو عبدالرحمن بن عبدالسميع الذي كان يجر خلفه ابنه عبدالتواب. وعندما سألته مستنكراً أن يفعل هذا بابنه: معقول عبد ابن عبد ابن عبد؟! أجاب بتلقائية شديدة: أسميه وائل يعني وأنا اسمي مكتوب ميت مرة في دفتر الشكك عند البقال؟
الخميس: فول بدماء المجهولين
يأكل المصريون الفقراء الفول باعتباره ضرورة وجودية، ويأكله الأغنياء باعتباره فلكلوراً شعبياً ودليل تبسط وإحساس بالمعدمين. وبالنتيجة لاشيء يوحد المصريين كما يوحدهم الفول!
والليلة كنت بين الساهرين لتناول حصتي الوطنية من الفول، عندما كانت مذيعة الجزيرة تذيع خبر هجوم انتحاريين علي موكب بناظير بوتو ليعبد طريق عودتها بدماء المئات. لم ترتدع يد عن الفول علي الرغم من أن المأساة اقتحمت الغرفة.ا
كم يد كانت ستذهل عن طعامها لو أن البث الحي للمجزرة بالألوان صار بثاً بأسماء الضحايا وما تركوا خلفهم من حيوات كانت معلقة بوجودهم؟!ا
الجمعة: هذا هو اسمي
للشحاذين في مصر طرق مستفزة وقاسية، فهم علاوة علي عرض عاهاتهم المصطنعة يدعون لمن يستجدونهم بدعوات خشنة، في نوع من التهديد باستجابات إلهية معاكسة في حالة الامتناع عن المساعدة، فإن رأوك مع طفلك، يدعون: ربنا ما يحرق قلبك عليه. وإذا كنت مع امرأة جميلة: ربنا يخلي لك الهانم. فوراً يضعك هذا المتسول المجهول في معركة، ويمكنك ببساطة ألا تخضع للابتزاز، فهو في النهاية غير موجود، لأنه بلا اسم.ا
الآن توجد طريقة جديدة للشحادة فرضتها البطالة بين الشباب، تحت مسمي مندوب مبيعات شاب لطيف يمكن أن يكون أخوك أو ابنك، يرتدي بدلة كاملة هي الوحيدة عنده بالتأكيد، يحمل في يد حقيبة، وبالأخري عينات مما بداخلها. يحييك ويبدأ بتعريف نفسه قبل المنتج: معك فلان الفلاني من شركة كذا.. وهذا عرض.. العرض لايهمك، ولديك بدلاً من قلامة الأظافر عشرة في البيت، وبدلاً من علبة الأقلام سيئة الصنع لديك سبع علب لاتستخدمها، لأنك تكتب علي الكمبيوتر.ا
ولكنك لاتستطيع إلا أن يتقطع قلبك علي هذا الشاب الذي صار موجوداً: هيثم عبدالمولي، المهندم كابنك أو أخيك، أنفق عليه أهله من قوتهم لكي يتخرج من الجامعة متسولاً بحقيبة.؟
السبت: كل الأسماء
كان طموح موظف الأرشيف المهووس بالأصل في رواية ساراماغو كل الأسماء أن يصل إلي شجرة عائلة الرب، دون أن يعلم أن البشري المهدد بالزوال مع كل احتمال خسران لاسمه الواحد هو الذي يحتاج إلي أرومة وأصل.ا
الإلهي لديه بذاته أسماء كثيرة؛ بل له الأسماء جميعاً. أسماؤه لاتنفد، لأنها حاجتنا نحن لاحاجته.ا
أسماؤه مسالك الفانين إلي الواحد، وكل حريص علي مسلكه، والواحد حي في أسمائ


"عزت القمحاوي"

(عن القدس العربي)

! مشاريع السلام العربية

! مشاريع السلام العربية

! بعد أربعين عاما من النكبة

! بعد أربعين عاما من النكبة

!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس

!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس