jeudi 19 juillet 2007

تأملات في إرث الرفيق أنور

alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5088920578836637602" />


"سمير عطا الله"

عدت منذ أيام إلى تصفح كتاب الرفيق أنور خوجا «سكرتير حزب الشغيلة الألباني» بعنوان «تأملات حول الصين». وكنت قد اشتريت الكتاب المؤلف من جزأين، كل منهما في 826 صفحة، من سوق الخضار في «كان» الصيف الماضي بثلاثة اورو، على ما أذكر.ا

وتغطي «التأملات» عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وفي 826 صفحة زائد 826 صفحة، كان لحاكم ألبانيا همّ واحد: أن يثبت أن ماو أصبح أكثر انحرافا عن مبادئ الثورة الشيوعية من الاتحاد السوفياتي. وأن ماو تظاهر بالخلاف الآيديولوجي مع موسكو، لكنه في حقيقة الأمر كان يريد احتلال سيبيريا!.ا

وفي 826 صفحة زائد 826 صفحة كان الرفيق أنور يريد أن يثبت أنه الشيوعي الوحيد وجميع الآخرين انحرافيون. وقد عرفت الآن لماذا لم يكن في كل ألبانيا سوى بضع سيارات، ولماذا عاشت الناس على عربات تجرها الثيران، ولماذا عندما سقط النظام لم يكن الألبانيون قد رأوا معلبات السردين والتونة من قبل. وقد وصلت الزميلة هدى الحسيني إلى تيرانا موفدة من «الشرق الأوسط» ومعها حقيبة من المعلبات أهدتها إلى موظفي الفندق وصحافيي الوكالة الرسمية وآخرين، رأوا في علب السردين قفزة غذائية.ا

كان الرفيق أنور مأخوذا بمهمة تاريخية لا تؤجل: إثبات رجعية الصين وانحرافية الكرملين. ومن أجل ذلك لم يغلق باب مكتبه على نفسه لينصرف إلى «التأملات»، بل أغلق أبواب ونوافذ وثقوب ألبانيا. ولم يكن مهما على الإطلاق أن يأكل الشعب أو أن يقرأ أو أن يفكر أو أن يتأمل. لقد حول ألبانيا إلى قبر بارد بلا سقف. وكانت الإذاعة الوحيدة تردد تأملاته والصحيفة الوحيدة تنشر تأملاته والمكتبة الوحيدة تملأ رفوفها بأفكاره ومجادلاته وهرر الكلام.ا

لا أدري كم هو مجموع الأعوام التي ضاعت من عمر وتاريخ وحياة الشعب الألباني. لكن لو رأى سكرتير حزب «الشغيلة الألبان» ماذا يحدث في الصين وفي روسيا، اليوم، لانصرف إلى وضع عشرة مجلدات كل منها في 826 صفحة. الصينيون الذين لم يعرفوا سوى الدراجات يصدرون السيارات إلى العالم. ويشترون الطائرات الحديثة بالعشرات. ويذهلون العالم بنسبة النمو. والانحرافيون الروس يتولون الذهول الباقي. وكلاهما، الرجعي والمنحرف، يتقدم بسرعة هائلة إلى يوم يتخطى فيه أميركا وأوروبا. وقد يكون ذلك قبل أن ينتصف القرن الحالي.ا

لقد ضاع عمر قارات وأمم في اللغو. وكانت روسيا السوفياتية ضعيفة وفقيرة لدرجة أن هتلر همّ بمضغها. كما حاول نابوليون أن يلتهم روسيا القيصرية. وروسيا اليوم دولة صناعية عاصمتها هي الأكثر غلاء في العالم. وصحيح أن بعض الشعب يدفع الثمن لكن ليس كل الشعب وكل الناس وكل الأجيال.ا

(عن جريدة الشرق الأوسط)
القاعدة النكتة تقول: من لم يعلمه أبوه علمته الأيام والليالي.. ولم نكن نعرف أن الأيام والليالي هي الأبناء...ا
"أنيس منصور"
(عن جريدة الشرق الأوسط)

mercredi 18 juillet 2007

باكستان بعد اقتحام المسجد الأحمر

تحذير من الصبغة الحمراء الملونة للنقانق والبرغر












عامل يقطع اللحم المفروم (رويترز-أرشيف)ا


أوردت صحيفة ذي تايمز تحذيرا من الإصابة بالسرطان من جراء استخدام الصبغة التي تعطي النقانق الرخيصة لونها الطازج.ا

وقالت إن الصبغة التي تستخدم أحيانا في تلوين لحم البرغر والنقانق هي المقصودة من التحذير.ا

وأشارت إلى إعلان هيئة سلامة الأغذية الأوروبية أمس أنها لن تستطيع ضمان حد يومي آمن لمستهلكي اللحوم التي تحتوي على الصبغة الملونة "أحمر 2 جي"، المعروفة أيضا باسم إي 128.ا

وأشارت الصحيفة إلى تصريح المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بأن التحقيقات كشفت أن الصبغة استخدمت أساسا في بريطانيا وإيرلندا، لكن لم يعرف مقياس الاستخدام.ا


وأضافت أن صبغة "أحمر 2 جي" هي جزء من عائلة أصباغ "آزو" المستخلصة والمعدلة من القار الأبيض والتي ارتبطت بالسرطان سنوات عدة.ا

ودعت الصحيفة على لسان أحد المسؤولين، في هيئة استشارية مستقلة في مجال سلامة الأغذية، إلى حظر الصبغة، حيث إنها توضع في اللحم ليبدو جيدا وهو نيئ.ا

ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن الصبغة المذكورة، التي تستخدم عادة في تلوين المذيبات والزيوت والشموع والبترول وورنيش الأحذية، ممنوعة من السلسلة الغذائية.ا

وأشارت إلى أن الدول التي تمنع فيها الصبغة "أحمر 2 جي" هي النرويج والسويد وفنلندا والنمسا والولايات المتحدة وكندا واليابان وسويسرا وأستراليا.ا
المصدر: الصحافة البريطانية

(خدمة الجزيرة نت)

jeudi 12 juillet 2007

...
ليس كل حوار يجلب النتيجة, لكنه بالتأكيد لن يكون بدون جدوى, وبمعنى آخر نتائج الحوار ليست بالتأكيد إيجابية لكن عدم وجود الحوار بالتأكيد شيئ سلبي. والحوار السياسي يُظهر وجوهاً عديدة للحقيقة التي نبحث عنها.ا

يطرح البعض-وفيه شيء من المنطق- أنه كيف يُمكن أن يجد لغة واحدة من خدم النظام سنوات طويلة مع من قبع في سجون النظام سنوات طويلة؟ كيف يمكن للشيوعي أن يجد لغة حوار مع عضو الإخوان المسلمين؟ العلماني مع المتدين؟ من يبحث عن جنة في السماء مع الذي يعمل لبنائها على الأرض؟
أسئلة فيها شيء من المعقولية, لكنني أعتقد أن الأكثر معقولية ومنطقية هو إن كان هذا الحوار وهذه اللغة المشتركة تساهم في خدمة الوطن والشعب فإنني أجدها ضرورية, لكنها تحتاج لشجاعة كبيرة أكبر من شجاعة التصدي للنظام وسياسته!...ا


"د. فاضل الخطيب"
(عن موقع العربية نت)

mardi 10 juillet 2007

تحديث العقلية العربية الإسلامية...ضرورة ملحة




كثيراً ما تعرض أركون في مؤلفاته ومقابلاته لموضوع الحداثة، سواء داخل الفكر الأوروبي، أو الفكر العربي الإسلامي. وكان دائماً يقيم تمييزاً بين التحقيب الزمني لتاريخ الفكر في كلتا الجهتين. فنحن عندما كنا حداثيين أو عقلانيين إبان العصر الذهبي للحضارة العباسية والأندلسية، كانت أوروبا تغطّ في نوم عميق: أي في ظلمات العصور الوسطى. وعندما استيقظت أوروبا في القرن الثاني عشر وترجمت علوم العرب وفلسفتهم وأخذت تنهض، ابتدأنا نحن نجمد ونتوقف عن العطاء الحضاري. وبالتالي، فالتقسيم الأوروبي لتاريخ الفكر لا ينطبق علينا نحن. فهم يقسمونه إلى ثلاثة عصور أساسية هي: العصور القديمة اليونانية ـ الرومانية، فالعصور الوسطى، فالعصور الحديثة. والأولى انتهت عملياً في القرن الخامس للميلاد، وأما الثانية فاستمرت حوالي ألف سنة، أي حتى القرن الخامس عشر للميلاد، في حين أن الثالثة لا تزال مستمرة منذ عصر النهضة، وحتى يومنا هذا.ا

ولو طبقنا هذا التقسيم الزمني علينا لرميت كل مرحلة الإبداع الحضاري من تاريخنا في ظلمات العصور الوسطى، وذلك لأن حضارتنا أشعَّت على العالم طيلة القرون الهجرية الستة الأولى، أي بين القرنين السابع والثاني عشر الميلادي. وهي فترة العصور الوسطى والظلامية العقلية بالنسبة لأوروبا المسيحية.ا

هكذا نلاحظ أنه ينبغي عدم تطبيق التقسيم الأوروبي على الحضارات الأخرى بشكل ميكانيكي. لكن يبقى صحيحاً القول إن الحداثة الأوروبية تجاوزت بإنجازاتها العلمية والفلسفية والتكنولوجية إنجازات كل الحضارات السابقة بما فيها الحضارة العربية الإسلامية. فطب ابن سينا لم يعد طبنا، وكيمياء جابر بن حيان لم تعد الكيمياء الحديثة، وقل الأمر ذاته عن الفيزياء، وعلم الفلك، والبصريات، وغير ذلك.. هناك سنوات ضوئية تفصل بين العلم الحديث وعلم أرسطو أو العلم العربي الذي تلاه. فما حصل من تقدم طيلة الأربعة قرون الماضية في أوروبا، شيء يتجاوز الخيال. والفلسفة العربية الإسلامية، أي فلسفة الفارابي وابن سينا وابن باجة وابن رشد.. لم تعد هي فلسفة كانط أو هيغل أو ماركس..ا

لكن أركون يفرق أيضاً بين نوعين من الحداثة: الحداثة المادية، والحداثة العقلية. والأولى تعني تحديث الوجود اليومي للبشر على صعيد الأكل والشرب واللباس والمسكن وتنظيم المدن والشوارع.. إلخ. وأما الثانية، فتعني تحديث الفكر نفسه، أي تحديث العقليات ونظرتنا إلى العالم والشعوب الأخرى. لكن هذا التمييز لا يعني الفصل بين الجانبين، على الأقل في ما يخص التجربة الأوروبية للحداثة. فهناك حصل تساوق بين التحديث المادي للوجود البشري وبين الحداثة الفكرية. وعلى هذا النحو جاءت الحداثة الأوروبية مكتملة أو متكاملة: أي تمشي على عكازين لا عكاز واحد. فالتقدم كان على الصعيد المادي والفكري في آن معاً.ا

أما عندنا وبالأخص في المجتمعات البترولية المحافظة، فقد حصل تناقض صارخ بين الحداثة المادية والحداثة الفكرية. فقد استطاعوا إدخال أحدث الآلات والمخترعات التكنولوجية إليها بفضل السيولة المالية. لكن في ذات الوقت، حصلت مقاومة شديدة للتحديث الفكري، وبخاصة في ما يتعلق بالدين وتقييم الماضي. ونحن الآن ندفع ثمن هذه الحداثة المبتورة، أي التي تمشي على عكاز واحد. ولو أن التحديث شمل كلا الجانبين الفكري والمادي، لما شهدنا كل هذا الانفجار الرهيب للحركات الأصولية المتزمتة. وبالتالي، فتحديث العقلية العربية الإسلامية أصبح ضرورة ملحة الآن، بل ولا يقل أهمية عن تحديث الزراعة أو الصناعة أو قطاع الخدمات والمشافي وغير ذلك من جوانب الحياة اليومية.ا

لقد حصل عندنا نوع من انفصام الشخصية أو الشيزوفرينيا، نتيجة إدخال السيارات والطائرات والآلات وإبقاء العقلية القديمة على حالها. وهكذا أصبحت حياتنا اليومية مليئة بمظاهر الحداثة المادية، لكن عقليتنا تنتمي إلى العصور الغابرة!. وأكبر خطأ وقعنا فيه هو أننا اعتقدنا بإمكانية استيراد التكنولوجيا والسيطرة عليها دون أن نجري أي تغيير على تراثنا الفكري. والواقع أن التكنولوجيا الغربية لا يمكن فصلها عن العقلية التي أنتجتها. وهي عقلية علمية وفلسفية وليست لاهوتية أو محافظة. فأوروبا عندما كانت أصولية مسيحية طيلة ألف سنة لم تستطع أن تنتج العلم والفلسفة والمخترعات التكنولوجية. ولو لم تنفصل عن العقلية المتزمتة لظلت متخلفة. والشيء الذي حصل بعد الاستقلال والذي ندفع ثمنه الآن، هو أن التيار المحافظ انتصر بشكل أو بآخر. وفرض إرادته ومنع إدخال الحداثة الفلسفية إلى ساحة الفكر الإسلامي. وهكذا ظلوا يدرّسون الدين في المدارس والجامعات كما كانوا يفعلون في العصور الوسطى! لقد أرادوا تحديث كل شيء ما عدا الفكر الديني. والآن نعود إلى نقطة الصفر من جديد لكي نواجه أكبر مشكلة في تاريخنا الحديث بعد أن أجبرتنا الحركات الأصولية على ذلك. فالعالم كله أصبح يركز أنظاره علينا ويطالبنا بالتحديث والتجديد وتغيير برامج التعليم. فنحن ورثة تراث عريق وكبير هو التراث العربي الإسلامي. لكن ماذا فعلنا له؟ هل خدمناه بالدراسة العلمية والمنهجية كما فعل مفكرو أوروبا مع تراثهم المسيحي؟ هل جددناه حقاً ونفضنا غبار الأزمنة المتطاولة عنه؟ هل حاولنا التوفيق بينه وبين الحداثة العلمية والفلسفية كما فعل ابن رشد في وقته؟ أبداً لا. لقد اكتفينا بتحنيطه وتبخيره وتبجيله.ا

وبالتالي، فأول شيء ينبغي أن نفعله للخروج من المأزق هو تأسيس مراكز للبحوث والترجمة في شتى أنحاء العالم العربي بمشرقه ومغربه. فالمكتبة العربية لا تزال فقيرة في المراجع الفكرية الموثوقة. لا توجد عندنا كتب عن تاريخ الأديان مثلاً، أو عن علم الاجتماع الديني، أو عن النظرة إلى الدين من زاوية تاريخية محضة. توجد عندنا فقط النظرة التبجيلية أو التواكلية التسليمية الموروثة أباً عن جد منذ مئات السنين. وهذه لم تعد كافية. إنما ينبغي أن نضيف إليها النظرة العقلانية. وإلا فلا يمكن أن نصبح حداثيين فعلاً. وهذا لا يعني التخلي عن ديننا وتراثنا العظيم. أبداً، أبداً. إنما يعني فهمه بطريقة أخرى والنظرة إليه بعيون جديدة. إنها تعني عقلَنته أو اكتشاف العناصر العقلانية فيه وتنميتها وتطويرها والبناء عليها.ا

فالواقع أن الخط العقلاني طمِس في تراثنا بعد موت ابن رشد، أو قل انحسر وتضاءل. وسيطر علينا طيلة عصور الانحطاط، التيار التقليدي والتكراري الاجتراري الذي يرفض الإبداع بحجة أنه بدعة خطرة على العقيدة!ا

هناك طريقة أخرى للخروج من المأزق التاريخي الذي يواجهنا حالياً. فبالإضافة إلى ترجمة أمهات الكتب الأوروبية، يمكننا تأسيس كليات جديدة لتدريس تاريخ الأديان المقارن مثلاً. وهكذا تتوضح الأمور عن طريق المقارنة بين عدة تراثات دينية لا تراث واحد. وعندئذ نصبح أكثر انفتاحاً وتسامحاً بعد اطلاعنا على تراثات أخرى غير تراثنا الذي تربينا عليه منذ نعومة أظفارنا. وهكذا نثبت أنه يوجد فهم آخر للدين ورسالته السامية غير الفهم المتزمت أو المتطرف الذي يسيطر على قطاعات واسعة من مجتمعاتنا العربية والإسلامية. فالمعاهد التقليدية وكليات الشريعة لا ينبغي أن تحتكر بعد الآن تعليم الدين. إنما ينبغي أن تنافسها عليه كليات حديثة ككلية الفلسفة وعلم التاريخ وعلم الاجتماع، بل وحتى علم النفس.ا

كل المناهج العلمية وكل المصطلحات الحديثة ينبغي أن تستخدم لدراسة تراثنا العظيم المتراكم منذ أربعة عشر قرناً كما يفعل أركون في كتبه وأبحاثه. كلها ينبغي أن تُطبق عليه لإضاءته من الداخل بشكل لم يسبق له مثيل من قبل. وعندئذ نفهم معنيي التراث والحداثة؛ معنى الأصالة ومعنى المعاصرة. وأما قبل ذلك، فلا. عندئذ نضيء التراث عن طريق الحداثة، والحداثة عن طريق التراث.ا

هذه هي المعركة الفكرية التي تنتظرنا في السنوات القادمة، والتي يتوقف على نجاحها أو فشلها مصيرنا ومستقبلنا. لكن بشائر الفكر الجديد ابتدأت تظهر في الأفق والحمد لله. وأصبحنا نسمع عن مصادرة هذا الكتاب أو ذاك من قبل التقليديين. وهذا ليس شيئاً سلبياً بحد ذاته، إنما دلالة على صحة الفكر العربي وعافيته وحيويته. فالواقع أن التقدم لن يحصل إلا بعد مناوشات ومصادمات عديدة بين الفكر القديم والفكر الجديد. وقد سمعنا أخيراً بمصادرة كتاب «الخطاب والتأويل» للمفكر المصري المشهور نصر حامد أبو زيد. لكن المؤسف هو أن الشخص الذي طالب «الأزهر» بمصادرته كان محسوباً على المجددين حتى أمد قريب في ساحة الفكر الإسلامي. إنه الأستاذ محمد عمارة، الذي طالما حقق كتب التراث القيّمة ومن بينها كتب ابن رشد رائد التيار العقلاني في الفكر العربي الإسلامي. أقول ذلك وأمامي على الطاولة كتاب «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال» بتحقيقه الممتاز. فيا ليت الاستاذ عمارة استفاد من سماحة فكر ابن رشد واتساع منظوره ولم يمارس الرقابة على كتب المجددين الذين يمشون على خطى فيلسوف الإسلام الكبير نفسه.ا

"هاشم صالح"
(عن جريدة الشرق الأوسط)

ابتذال اللغة الإعلامية




في البدء كانت الكلمة. الإنسان كائن متكلم. الكلمة أداة لتبادل المعرفة والتجربة بين الناس. الكلمة شكلت اللغة. ثم كانت اللغة الأساس التاريخي لبلورة ثقافة كل أمة وشخصيتها.ا

الكلمة شرف كبير. أن تقول يعني أن تصدق. الكلمة وعد وعهد. الكلمة عقد شفهي بين الدولة والمجتمع. الدولة تتعهد بأن تضمن الأمن والعدل، في مقابل خضوع المجتمع للنظام والقانون. إذا اختلت هذه المعادلة حدث التذمر، فالتمرد، فالثورات.ا

مع ولادة السياسة كأداة لإدارة الناس، صعدت قيمة الكلمة كواسطة لتفاهم الدولة السلطانية مع رعاياها. باتت الكلمة لغة التوجيه والإرشاد. كان أول وزير للإرشاد هو ذاك الناطق باسم السلطان. ينزل الى الأحياء والأسواق حاملاً جرساً يقرعه ليجمع الناس. يبلغهم «فرمانات» الدولة، ووجوب الامتثال لها، ثم يدعوهم الى الدعاء للسلطان بالنصر وطول العمر.ا

مع بدايات عصر التنوير والثورات البورجوازية، ظهر منافس خطير لـ «وزير الإرشاد» السلطاني. استغل الخطيب السياسي سحر الكلمة. الخطابة فن إعلامي قديم. كان خطباء الإغريق يضعون حصاة في الفم، ثم يخرجون الى البحر ليتدربوا على الخطابة أمام صخب الأمواج (الجماهيرية).ا

عند العرب، «خير الكلام ما قل ودل». فـ«البلاغة الإيجاز». العرب قوم سحرتهم الكلمة والفصاحة. لعل الحجاج بن يوسف الثقفي أحد أخطب خطباء العرب. كان لسانه يضاهي سيفه. كان العراق كعب أخيل الدولة الأموية. يخاطب الحجاج أهل العراق: «يا أهل الشقاق والنفاق، إنّي والله لأحزمنّكم حزمَ السَلَمَة (رزمة العصي) ولأضربنكم ضرب مواجع الإبل...» الحسرة اليوم تملأ القلب والنفس. ما زال في العراق الحبيب أهل وأبناء عمومة للشقاق والنفاق!ا

بلغ تأثير الخطابة السياسية ذروته في القرن العشرين مع تقدم الإعلام الإلكتروني. كان لينين خطيبا مُفـَوَّهاً. لكن هتلر كان أخطب خطباء القرن، وربما التاريخ كله. يخطب النقَّاش النمسوي الآتي من خنادق الحرب العالمية الأولى. تصيبه الرجفة. يهتز. يعرق. ينفعل. بسحر الكلمة الخادعة، أيقظ هتلر حلم الوحدة الجرماني. ساق عشرات الملايين بالفاشية كالقطعان إلى خنادق الحرب العالمية الثانية.ا

أصاب بريق الكلمة الفاشية العرب بالعدوى. صافح لاعب الكرة بيار الجميل هتلر في دورة برلين الأولمبية عام 1936. مسته كهرباء الرجفة. طلق الكرة واحترف السياسة. عاد بيار الى لبنان ليؤسس حزب «الكتائب اللبنانية». ثمة صحافي أكثر ثقافة من لاعب الكرة استعار آيديولوجية هتلر «القومية الاجتماعية»، «فأبدع» حزباً فاشياً آخر (الحزب السوري القومي الاجتماعي). كان المصري أحمد حسين أذكى من الجميل وأنطون سعادة. أسس حزباً فاشياً (مصر الفتاة) وأخفى فاشيته وميليشياه متستراً بوطنيته المصرية.ا

لست بحاجة الى التوسع في الحديث عن الفاشية العربية. فقد تحدثت عن الأحزاب الثلاثة مراراً وتكراراً هنا في «الشرق الأوسط» وفي مطبوعات أخرى على مدى العشرين عاماً الماضية. قيل لي إن كتاباً صدر في مصر منذ مدة بقلم أكاديمي مصري عن الموضوع ذاته. لا أدري ما إذا كان المؤلف قد نوّه في كتابه بالسابق الى الحديث، أم أنه «اكتشف» وحده علاقة الوصل والربط.ا

عندي كلام كثير عن فن الكلمة السياسية العربية لا مجال لسرده كله هنا. أكتفي بالقول إن لبنان كان مغارة الخطباء. وكان أفصحهم وأخطبهم ساسة ورجال دين مسيحيون. أين منهم «فشكلة» كلام ساسة لبنان اليوم الذين لا يجيدون لغة أمتهم؟!ا

لكن أخطب العرب في القرن العشرين اثنان: سعد زغلول وعبد الرحمن الشهبندر. قال لي الراحل فتحي رضوان أول «وزير إرشاد» لدى عبد الناصر: «لقد استمعت الى الاثنين. صاحبكم الشامي كان أخطب من خطيبنا المصري». بهر الشهبندر الطبقة المثقفة المصرية عندما راح يحاضر في منتديات قاهرة العشرينات والثلاثينات عن العروبة والاشتراكية والماركسية. كان كل ذلك جديداً على وعي المثقفين المصريين، ومتقدماً على فكر سعد زغلول المتوفى في عام 1927.ا

من حسن حظ أعداء العروبة أن عفلق والبيطار لم يكونا خطيبين أو محدثين بارعين. كنت أجلس في دمشق وباريس طويلاً الى البيطار. لم يكن الرجل أحياناً كثيرة ينبس بكلمة. خرج عبد الناصر بالخطابة من فصحاها. كان أول زعيم عربي يستغل الإعلام الإلكتروني (المذياع / المايكروفون) الذي لم يكن متاحاً لزغلول والشهبندر.ا

لست أبالغ إذا قلت إن شعبية عبد الناصر تركزت في تأثير كلمته الإلكترونية ولهجته المصرية المحببة ودعوته القومية. ثم ما لبثت الخطابة الشعبوية (الإثارة العاطفية) أن توارت أمام لغة إعلامية أكثر هدوءاً، حتى لدى عبد الناصر الستينات عندما نضجت تجربته، وبعدما تكسرت النصال على النصال في الجسد المثخن بالجراح.ا

مع إفلاس الماركسية كنظام سياسي، أفلست لغة الآيديولوجيا الخشبية. تراجعت الناصرية. لم يبق من بعث العراق وسورية سوى هيكل عظمي. فقد ابتلعته الطائفة والعشيرة والعائلة وعبادة الشخصية. لكن ما زالت لغة الخمسينات التنظيرية سائدة في الإعلام السوري، وفي خطاب بشار وتصريحاته السياسية المطولة.ا

كنت أخال أن تؤدي أسلمة السياسة الى تهذيب اللغة الإعلامية، وتحصينها بأخلاقية دينية. حدث العكس. اقرأ واسمع الخطاب السياسي الديني. خمسة آلاف موقع في الانترنت لمؤسسات ومنظمات ورجال دين ودعاة ووعاظ. حروب بالكلمات. فتاوى متناقضة. اتهامات متبادلة. سباب بأقذع الشتائم. إرشادات لاستعمال الأسلحة. دروس في التفخيخ بالمتفجرات. حض على التكفير والكراهية وقتل الناس بالجملة.ا

بعقلية إرضاع الموظفة زميلها في الغرفة، تفكر وتتصرف المؤسسة الدينية التقليدية في حلفها مع الدولة. بهذه العقلية وبرضى الدولة وصمتها، فرضت المرجعية التقليدية رقابتها ووصايتها على لغة الإعلام والأدب. تمنع. تحرم. تحلل، فيما كتب وتسجيلات اجتهاد القرون الوسطى وتفسيره المتزمت البعيد عن منطق العصر تباع في كل زاوية ومكتبة بلا رقابة. بعد ذلك تشكو الدولة من هيمنة «الإسلام الجهادي» على العقل الاجتماعي.ا

إسفاف العمل السياسي أدى إلى ابتذال لغة الإعلام. سقطت مصداقية الكلمة. تدهور مستوى التحليل. اقرأ صحف المعارضة المصرية. اسمع تصريحات الساسة والناطقين الرسميين في العراق ولبنان وفلسطين. لكل منهم روايته، ولرفضه وتجاهله الرأي الآخر.ا

في هذا الصخب الفارغ، يستحيل التوصل إلى التسوية. يستحيل عليك أن تستخلص الحقيقة من أشداق الساسة ورجال الدين السنة والشيعة في العراق، ومن التراشق الإعلامي في لبنان، ثم من عشرات الناطقين باسم فتح وحماس.ا

أضرب مثالا واحدا. دفعت حماس بـ31 ألف موظف «حماسي» الى التظاهر في الشارع مطالبين بمرتباتهم. يبدو الطلب محقا. لكن هل كانت السلطة التي تئن تحت نير الاحتلال والحصار والديون، وتعيش عالة على المنح الدولية والعربية، بحاجة إلى 31 ألف موظف جديد، بينهم 23 ألف رجل أمن لحراسة حكومة حماس، إضافة إلى 150 ألف موظف «فتحاوي» بينهم ما لا يقل عن سبعين ألف رجل أمن لحراسة سلطة عباس؟

تسخير الإعلام لمجافاة الحقيقة والواقع لا يقتصر على الساسة والدولة. المواطن العادي أيضاً يشارك. قال المتقاعد الفلسطيني جميل العشّا: «العربي في العالم الغربي يُداس، ولا أحد يسأل عنه». إذا كان ذلك صحيحا، فلماذا أرسلت ابنك الطبيب بلحيته الشاردة وهوسه الديني الواضح في صوره وهيئته الى العمل في «بلاد الكفار»؟ أعيش في الغرب وأعمل منذ أكثر من ثلاثين سنة. نعم، هناك تعصب. لكنْ، هناك عدل. لا أدين ولا أتهم سلفاً. لكن المحروس نجلك في عهدة قضاء عادل لا تسيره الدولة، قضاء يستجلي الحقيقة في بلد يعمل في مستشفياته العامة تسعون ألف طبيب عربي وأجنبي ومسلم إلى جانب 150 ألف طبيب بريطاني. العرب لا يداسون بالأقدام في الغرب. إنها الحقيقة التي نشوهها وندوسها بالأقدام في الشرق.ا


"غسان الإمام"
(عن جريدة الشرق الأوسط)
...
أمريكا ليست مقدسة في المغرب، وأنا أنتقدها في خطبي، وقد سبق لي أن انتقدتها في خطبة جمعة قبل 6 أشهر، واستدعاني رئيس المجلس العلمي المحلي الحبيب الناصري وحذرني من مغبة العودة إلي مهاجمة
أمريكا بهذه الصيغة: أمريكا ما شي شغلك وهي صديقة للمغرب...ا

عبد العالي الفذي، خطيب الجمعة الموقوف بالمغربة، بعد خطبة معادية للسياسة الامريكية
10/07/2007
(عن جريدة القدس العربي)

dimanche 8 juillet 2007

قمة الثروة وقاع الفقر



"سمير عطا الله"

انفضت القمة الأفريقية في أكرا، غانا، بالنتائج المألوفة. مجموعة من الخطب وصور تذكارية تتكرر بأصحابها، لا أوضاع القارة تتغير ولا هم يغيرون أو يتغيرون. ولم توافق الدول الأعضاء على حكومة اتحادية ولا على جيش اتحادي من مليون عسكري. وجاءت النتائج في مستوى التوقعات. وعاد الأفارقة كل إلى حروبه وإلى دوله المفككة وإلى الأنظمة المتمادية في تدمير القارة ووأد آمالها وتشريد شبابها على أرصفة أوروبا وفي طرقات العالم العربي.ا

لقد قال حاكم عربي ضاحكا ذات يوم، إن الأفارقة سوف يطمرون ويغرقون إيطاليا. ويكاد ذلك يتم. لكن في هذه الأثناء اغرقوا بلده وتحولوا إلى مشكلة سياسية وإنسانية ربما كان حلها مستحيلا. إن بعض الدول العربية، الواقعة في أفريقيا أو في آسيا، تتحول إلى مجتمعات عنصرية تشبه ما كانت عليه أميركا قبل إلغاء التمييز العنصري. وقد خرج الأمر عن قدرة الدول على معالجة الوضع. وأدت زيادة الهجرة غير الشرعية إلى مواقف وسلوك من الصعب أن تضبطها الحكومات مهما كانت حسنة النية. فاليأس الذي يحمله الأفارقة معهم يجعلهم يتحملون كل شيء، شرط عدم العودة إلى حالة الفقر والظلم القائم في بلدانهم.ا

لا تبدو أفريقيا في حاجة إلى المزيد من العسكر أو إلى حكومة تجمع الحكومات القائمة. إنها في حاجة إلى أن تقلد، قدر المستطاع، شيئاً مما حققته القارة الآسيوية، التي كانت مثلها غارقة في قاع الفقر والتفسخ وأشرس الحروب. وهي في حاجة إلى مصانع ومدارس وجامعات وليس إلى ثكنات تنهب الناس وتشعل القارة حروباً بلا نهاية. وفي حاجة إلى مؤسسات تصهر القبلية القاتلة، فلا تعود القارة مسرحاً دموياً دائماً من الكونغو إلى السودان إلى سيراليون إلى ليبيريا إلى الصومال إلى الحبشة إلى سواها. إن ثلاثة أرباع القارة ـ على الأقل ـ مغطى بنوافير الدم التي لا تنقطع. وثلاثة أرباع العواصم خالية من الطرقات المعبدة والمستشفيات الصالحة والمدارس المؤهلة. وفي الماضي كان الاستعمار يسرق الناس ويترك لهم الفتات. فيما الحكم الوطني لا يترك للناس ما تقتات. فمعظم الثروات والمناجم معرضة للنهب الوطني المنظم بعدما كانت تنهبها الشركات الفاجرة في الماضي.ا

ليس في أفريقيا كلها سنغافورة أو صين أو ماليزيا أو هند أو اندونيسيا أو عُمان. هناك أنظمة لا تخجل ولا تستحي بالفقر الذي تتخبط فيه شعوبها. وهناك شعوب لا تحاسب، بل تحمل أحزانها وفقرها وتخرج إلى أرصفة الأرض مشردة في المذلتين: ذل الوطن وذل الغربة. وفي مثل هذه الحالات من اليأس والتقهقر ينمو حقد داخلي لا حدود لقباحته، كما حدث في رواندا، أو ترضخ الناس لحكم من نوع نظام زيمبابوي، حيث يربح الرئيس كل شيء حتى أوراق اليانصيب ويضرب معارضيه بالهراوات ويملأ إدارته بأفسد أهل البلد وأكثرهم شذوذا ويغرق البلد في أسوأ أنواع التضخم.. ثم يعوض ذلك كله بتأميم بضع مزارع يملكها رجال بيض.ا

(جريدة الشرق الأوسط)

vendredi 6 juillet 2007

لا خلاص للبنان إلا بمؤتمر محلي إقليمي غربي مسؤول

تحيط بلبنان ثلاث جهات تحدد مصيره: الجزء البري الأطول: سوريا والأقصر إسرائيل والثالث البحر. الذي يعني الغرب البعيد القريب، أما الجهة الرابعة فليست سوي سماء الله الواسعة
كما أن التقسيمات الطائفية المتداخلة فيما بينها علي مستوي ثماني عشرة طائفة تتزايد مع الزمن وتزيد من حدة الصراع بينها علي أرضه. سياسة لبنان مع الخارج ـ كسياسة أي بلد ـ يحدّدها وضعه الداخلي، الكثرة الكاثرة من هذه التجمّعات البشرية تتنازع فيه المواقع والمكاسب دون شفقة. لكل منها علاقته مع المحيط الخارجي المباشر وغير المباشر. سوريا تعتبر البلد امتداداً طبيعياً لها. لئنْ غدا دولة مستقلة فلأنّ القرار كان قرار سايكس بيكو الذي ملّحته المارونية السياسية وباركته الأمم المتحدة والجامعة العربية.ا
إنسحاب سورية بالقوة ـ شحطاً علي وجهها ـ سبَّبَ لها مرارة لن تنساها وهذا ما شكل شغلها الشاغل منذ ذلك الوقت للبحث عن طريقة تعيدها إلي أندلسها المفقود. فقد كانت محنة سورية قبل منتصف السبعينات في القرن الماضي تتلخص في أنها لا تستطيع القبض علي لبنان ولا تركه ـ نظراًً لأن كل تغيير سياسي في سورية كان يُطبخ في بيروت ـ أما بعد ذلك التاريخ فقد اكتشفت سورية وسيلة للسيطرة علي البلد فسادت فيه ومادت ثلاثين عاماً. لكأنَّ البلد غدا محافظة جديدة لها ولا ينقصها الا اختيار تاريخ لضمّه نهائياً ولم يكن في بالها أو بال سواها بأن الأرض ستنخسِف من تحت أقدامها فجأة بمصرع الشهيد رفيق الحريري الي داخل حدودها التي انطلقت منها.ا
لبنان تعتبره سورية عتبتـها بل مصطبتها علي العالم ولو خُيّرت سورية ـ حسب تصوري ـ بين ان تكسب العالم وتخسر لبنان لفضلت خسارة الأول وعدم خسارة الثاني. وسورية بعد تعثر فريق الرابع عشر من آذار ـ تماسكت من جديد بعد ان استوعبت صدمة الانسحاب واستفاقت منها واستقوت بشكل أو آخر بجماعة الثامن من آذار الممثلة بالعشرات من الذين خسروا مقاعدهم ومصالحهم في بلد المرام والجاه والمنفعة بامتياز، بالاضافة الي الحلفاء السابقين والطارئين. يعني نجاح السلطة القائمة بالنسبة لسورية ـ نجاح قيام الدولة اللبنانية أي نجاح المؤسسة العسكرية في بلاد الأرز في السيطرة علي الأرض وتشكيل قوة رادعة في وجه الخارج والداخل في نفس الوقت، وهذا ما سيكون في المحصلة انتصاراً للغرب حيث يُجسد لبنان بابه نحو المنطقة. وهكذا يبدو لبنان مركز أو منتصف الاتجاهين المتعاكسين من الشرق إلي الغرب ومن الغرب الي الشرق.ا
فالقرار اذن بزعزعة جناح السلطة الحاكم، والمحاولات ـ بطبيعة الحال ـ لا تعرف التوقف كما لا تعرف أصحابها، وكلما سقطت الواحدة أعقبتها الأخري. ولذلك تحرّكت عبقريات حلفاء الجيران فانتزعت الجنرال عون وتياره الأقوي في الشارع المسيحي الذي كلف حليفها اللبناني الأقوي حزب الله حوالي أربعين لقاء للتوصل معه فقط الي التفاهم.ا
إنّ أخطر محاولة قامت كانت حوادث طرابلس، والنهر الذي غدا نارياً منذ شهر ونيّف والذي يصعب التكهن بالقضاء القريب عليه رغم سقوطه النظري من الناحية العسكرية ـ ناهيك عن التفجيرات الرهيبة المتنقلة من حي الي حي ومن مدينة الي مدينة ومن طائفة الي أخري والتي يستعصي اكتشافها ، كذلك الاغتيالات النوعية المحكّمة... نضيف علي ذلك ان الخطر المتجول انتقل الي الجنوب الأقصي بعد أن فشل في الجنوب الأوسط.ا
الوجود الإسرائيلي الآن في مرمي الصواريخ من جديد وكذلك قوات الأمم المتحدة، والناس في لبنان تعودوا علي سماع الكذب المُحكم والمفبرك والمُعَلّب سابقاً والذي يحتاج تفكيكه ونزع ألغامه الي الكثير من الوقت والكفاءة المتقدمة. كما أن الفُجر والعُهْر في النفي والإحكام في التفجيرات وعجز السلطة في الكشف تشكل عوامل سلبية تؤدي الي احباط معنويات السكان وإذكاء حركة النزوح من البلد، فمئات الألوف ينتظرون الفرصة المناسبة لدفع حركة التصحير في البلد أكثر فأكثر. فبحسب استقصاء احدي المحطات التلفزيونية : 66 % من شباب البلد 18ـ25 سنة أصبحوا في الخارج والآلاف المؤلفة سيما من المسيحيين ينتظرون الفرصة المؤاتية ليغادروا البلد.ا
الوضع يُدغدِغ المخيلات الغاضِبَة الحالمة بزلزلة الأرض وحسم الأمر فترسم الخطط المبسطة في بلد لا يعرف الا الحقد وتحالفات الليل التي يمسحها النهار بأسرع مما يتصورون، لأن الكثيرين لا يدركون تماما الإدراك تاريخ هذا البلد العجيب الغريب.ا
الذين يريدون اشعال البلد ما يزالون يصرون علي نفي ذلك في لغتهم الاجتماعية اليومية، فحتي ولو كانت قياداتهم بالفعل لا تريد ذلك، فان مئات الآلاف من العاطلين عن العمل والمحرومين المسلحين حتي الأظفار والانياب يتحرقون لإحراق البلد والسطو علي ما يتوقون اليه فيه، وكل الذين يردّدون: ما راح يصير شيء وأكثر ما صار ما راح يصير ، هم قصيرو النظر ستتجاوزهم الأحداث مثلما تتجاوز الرصاصات الطائشـة أضلاع الغافلين، فسذاجاتهم التخطيطية النظرية ستجلب الكوارث علي البلاد والعباد... ذاك ان إيهام الناس بأن الحرب ستكون وطنية ديمقراطية شعبية تشترك فيها الطوائف المنقسمة علي نفسها سياسياً لن يكون له المصداقية المزعومة من قبلهم علي الواقع.ا
أقوي عنصر جامع بشكل عام وان كان سلبياً يبقي العامل الطائفي، لأن الأحزاب اللبنانية بالمفهوم الغربي لم تتجذر في هذه البلاد كما أن العلمانية التي يكررونها كالببغاوات لا يفهمها الناس ولا يُبالون بها كما هو الوضع في تركيا، ولئن ارتدت الصراعات أحياناً الطابع الاقتصادي او الوطني الا انها سرعان ما تنقلب الي صراعات طائفية كالنيران في الهشيم، نظراً لقصر النفس عند الأحزاب العقائدية وطوله عند الطائفيين والاعتياد عليه من قبل العامة كالماء والهواء، ولذلك سيخطيء أصحاب النهج الخطابي أو الديمقراطي الخادع فيقعون في مطبات الموالاة والمعارضة والدولة الواحدة والشعب الواحد باعتبارهم يركبون الطائرات والمركبات الفضائية في الوقت الذي لا يزالون فيه ذهنياًً يركبون البغال والنوق والحمير، كما أن أكبر الأخطار يتجسَّد في تصور البعض بأنه يمثل أمة من المحيط الي الخليج او من المحيط الي المحيطات وعليه يقع الحمل الأكبر والدور الأول لتحرير القارة الأوسع المتشعبة علي سطح الكرة الأرضية، اذ مهما انتفخت النملة فانها لا يمكنها أن تحمل فيلة علي ظهرها وتسير بها الي ما لا نهاية. هناك مدي محدود ومحدد في أي كائن تجاه أي كائن آخر.ا
غير أن لبنان منذ أن كان من آلاف السنين في توحّده وتعدده ـ كان يلعب فيه لاعبون لعبات أكبر بكثير من مستوياتهم وامكاناتهم. والغريب انهم ما تعلموا من الكوارث التي وقعوا فيها وما زالوا يتوارثون الهزائم والمجازر ولا يعتبرون.ا
فكما اعتبر الرئيس السابق شارل حلو (1964ـ1970) الصحافيين اللبنانيين في وطنهم الثاني لبنان وليس في وطنهم الأول الذي ليس سوي المصلحة حتي ولو كانت في الصين، فان نفس المفهوم قد لا يكون بعيداً عن السياسيين (باستثناء البعض منهم) ومن هنا تتحدد النقطة المحورية في تاريخ هذا البلد التي تحتم عدم حرمة واستقلالية الرجل السياسي وعجزه بالنتيجة في أخذ القرارات الكبري بالإضافة إلي نرجسيّة الكثيرين وتنطحهم المرضي الي الرئاسات العليا التي يلوح السيف بها وعليها من الخارج. ومن هنا ليس من المستغرب أن ينام البعض رئيساً ويستيقظ في قرنته كيساً، وإن أي اتفاق قد لا يدوم ساعة بعد إبرامه. ولذلك تعرف الحروب متي تبدأ ولكن لا تعرف متي تتوقف.ا
وكما ان الحزبية لا تصنع صحيفة، فان المركنتيلية لا تبني وطناً، فالوطن بحاجة الي المال والرجال معاً وللوطن الأولوية المطلقة. وهذا ما لم يكنه إلا نادراً جداً ولأمد قصير في تاريخ هذا البلد اليائس التعيس الميؤوس منه. عندما يغدو الوطن سلعة للبيع والشراء فان كل شيء آنئِـذٍ يصبح في مهبّ الريح.ا
كثرة الزعماء في السوق السياسية اللبنانية أكثر بكثير من الذي توفره الفرصة لأية دولة غنية قادرة للتدخل والاعتماد علي أصدقاء، فكأنما اقتصاد البلد ليس التجارة والزراعة والصناعة والاصطياف والعلم والطب والسياحة، بل الاسترهان للدول الوافدة وذلك في وضع المئات والآلاف من العاطلين عن العمل والفقراء طوعياً تحت تصرفهم للقتال وفي أي مكان وضد أي انسان كان... وليس من الغريب والحالة هذه أن تكون عبارة حبيبي نافعني هي القاعدة الأولي المتوارثة بين الناس في بلد الأرز حتي أيامنا. ولا يزال الاستقواء حتي ولو بالشيطان هو القانون المستمر منذ القدم، فالهزيمة ممنوعة ... وإن كان لا بد منها فلتكن مع الموت حتي لا يري صاحبها انتصار غريمه.ا
وجه لبنان السياسي الفعلي حكماً ومعارضة يتمثل بالحريري، جنبلاط، جعجع، الجميل وأنصارهم، ومن جهة ثانية، بنصر الله، عون، ارسلان، فرنجية ومشايعيهم، وهؤلاء الزعماء من الفئتين لهم وزنهم الطوائفي ولئن غلفته الأردية الحزبية المرسومة عليها الشعارات والمفردات كالحرية والديمقراطية والاشتراكية والعلمانية والأمل والله.ا
يأتي بعد ذلك الوجه العربي المؤثر: (السعودية ومصر) والعربي الاسلامي: (سورية وايران) يتلوهُ الوجه الأوروبي الغربي: (فرنسا، انجلترا، المانيا ،ايطاليا واسبانيا) والأميركي: الولايات المتحدة. فالصراع يتجسد اذن بين جانبين علي طاقين او ثلاثة. والحل لا يكمن ان يتأتّي إلاّ من خلال الحوار والتنسيق بين طرف كل طاق مع طاق الفريق الآخر وبموازاته وبمشاركة الأطراف الغربية مع الفريقين لتقريب وجهات النظر وان لا فسنبقي ندور في الحلقة الجهنمية المفرغة.ا
ومن هنا لا تزال تفشل كل الاجتماعات علي الصعيد المحلي والعربي ، فالمسألة لبنانية اقليمية دولية والحل بأيدي أصحاب العلاقة المتصارعين فكل مؤتمرات الجامعة العربية أو (المانعة من الجمع) و بظهرها مؤتمر مكّة باءت بالفشل والولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح بنجاحها وهذا ما أشار إليه السفير الأميركي في بيروت بطريقة أو بأخري، وهذا ما يُشبه ما حصل بين أمريكا وفرنسا في حرب السبعينات اللبنانية ـ اللبنانية بالقرن العشرين حينما علّق المندوب الفرنسي في مجلس الأمن الدولي بقوله: ان المشروع الأميركي لا يختلف في جوهره عن المشروع الفرنسي فأجابه المندوب الأميركي: علي الفرنسيين أن لا يتدخلوا فيما لا يعنيهم. إنها لغة المُعطيات القووية علي الأرض وليست مسألة مزاج أو حبّ أو كره اذ يستحيل أن يكون حلّ دون رضا سورية أولاً وإيران ثانياً، وان لا فالمحنة ستسمر، ومن سيكون الحلّ علي حسابه، فانه لن يكون مستعجلاً اطلاقاً علي توفير شروط النصر للخصم فهو من أنصار دوام الأزمة.ا
سيكون اجتماع جديد في باريس للبنانيين تحت الرعاية الفرنسية في منتصف تموز لمحاولة ايجاد حلّ للمعضلة والرابح فيها سيكون دون أدني شك ـ السياحة الفرنسية كما كان نفس الوضع في سويسرا بجنيف و لوزان قبل مؤتمر الطائف، وكي لا يضيع الوقت وقبل أن يتصحر الوطن أو يحترق) يجب أن لا ننسي المناورات الاسرائيلية في الجولان والنّقب ودور باراك المحتمل في حرب إسرائيلية قادمة علي حزب الله وسورية وايران بالتنسيق ـ علي الأرجح ـ مع الولايات المتحدة، فاسرائيل لا تستطيع ان تنام علي هزيمة لأنه سينكفيء مبرِّر وجودها القائِم علي الزخم المندفع في جميع الاتجاهات. فالاستكانة او السلام يعني الموت الكامن لإسرائيل. علينا مواجهة الواقع وجهاً لوجه لا مجانبته. فوجوب عقد المؤتمر المقترح في أية عاصمة كانت هو ضرورة لا غني عنها للخروج بحل يحفظ الكرامة للجميع قبل فوات الأوان وانخساف المكان.ا
الحلّ يبدأ في دمشق وحدها لا سواها، فلبنان مفتاح المنطقة، أما سورية فهي بابها... حتي ولو استلزم ذلك تأخير اقامة المحكمة الدولية بعض الوقت واجراء بعض التعديلات الممكنة عليها... لأنّ مواقف النظام السوري تؤكد أكثر فأكثر ما أكدته البارحة وقبلها بأن المحكمة الدولية تشكل باب جهنم بالنسبة لنظامها، وكل ما صدر منها من تصريحات وتلميحات وتمويهات وتشكيل لجنة تحقيق برئاسة إمرأة ثم ابدالها برجل دون الوصول الا الي الفراغ، وكذلك عدم قيامها بكشف أية عملية كعملية الحريري (في الوقت الذي كانوا مسؤولين فيه عن الأمن في لبنان) ناهيك عن التهديد (علي مستوي رئاسي) بتجسير النار بين المتوسط وقزوين.ا
كل هذا لا يبشـِّر إلاّ بكسر العظم بين الحريرييـن والأسديين. كما أن هناك أطرافاً تسعي بلا شك الي الحسم القاتل باسم القانون الدولي وباسم الثأر الشخصي أو العائلي المعتمد علي القانون. مؤتمر عالمي (علي هذه الصورة) لن يكون عاجزاً عن تأمين حلّ عبقري لتنسيق العلاقات التي لا بدّ منها بين سورية ولبنان لتجنيب البلدين فوضي جهنمية تأكل الأخضر واليابس... لأن التاريخ يُرينا دائماًً توفر الحلول اذا ما توفرت النوايا الصادقة.ا
كما أنه يجب أن لا يغيب عن الأذهان بأن سورية كدولة منذ قيامها لا تستطيع ان تتصور وجود قوات دولية أو حتي لبنانية علي طول الحدود بينها وبين الدولة اللبنانية، ولئن وافقت عليها في عام 1958 فلأن الضغوط الدولية لم تدع لها مجالاً من التنصّل، ولكن هذا ما منعها من استمرار التنسيق بينها وبين اطراف ما يُسمـي ثورة 58 الوطنية وتأمين ما يحتاجونـه كأن شيئاً لم يكن، فالتداخل بين البلدين الأراضي والبشري وطول الحدود (مئات الكيلومترات) تطلب عشرات الآلاف بل مئاتها من الجنود والمعدات والطائرات بالاضافة الي ميزانية ليست بالبسيطة في وقت تعاني فيه الأمم المتحدة من العجز والدين الماديين اللذين لا يتوقفان.ا
أما اذا كان هناك قرار استراتيجي أميركي ـ اسرائيلي متخذاً بعرقنة المنطقة إلي أمد غير مسمي في حمي فوضي خلاقة توفر عليهما استخدام القنابل النيترونية للسيطرة علي المنطقة بعد أن تكون فرغت من شبانها عبر العقدين القادمين) فان كل أصوات العقل في العالم ـ في حالة كهذه ـ ستكون عاجزة عن منع حصول المواجهات العبثية في المنطقة التي تكون قد انتقلت من نظرية كيسنجر الحروب العربية ـ العربية بين الدول بعد حرب التحرير عام 1973 وانتقالها الي حرب الطوائف والعشائر فيما بينها وضمن هيكلية الدولة الواحدة. وفي حالة كهذه ستضيع وتتضعضع الممانعة أو المقاومة الوطنية لهذا السيناريو الرَّهيب.ا
وإذا كانت السياسة فـنّ الممكن، فلماذا نريد من النظام السوري المستحيل الذي لا يستطيع تقديمه؟
إنها ليست المرة الأولي التي نتهم فيها سورية (بغضّ النظر عن صحة الاتهام أو عدم صحته) فلقد كانت اليد التي أهدت الي الشهيد انطون سعاده مسدسها هي نفس اليد التي سلمته الي راميهِ بالرصاص قبل الفجر. كذلك علينا ان لا ننسي موت الشهيد الآخر فرج الله الحلو تحت التعذيب في أواخر الخمسينـات وتذويب جسده المقطع بالأسيـد لإخفاء معالم الجريمة التي وضعت عبد الناصر العظيم أمام الأمر الواقع الذي لم يأمر به ولكنه اضطر الي نفيه رغم الإحراج ـ كرجل دولة ـ بشكل متواصل، لأنه ـ شاء أم أبـي ـ يعتبره الجميع المسؤول الأول، ولا نريد أن نطيل السرد فانتحار أو استنحار الزّعبي كرئيس وزراء سوري سابق وغازي كنعان كحاكم سابق للبنان ووزير الداخلية في سورية ما زالا حديثي الزمن. والخبر الأخير (الذي يضع كل حقيقة أمام التساؤل)، وقع علينا منذ يومين وهو الاستجابة لإعادة محاكمة الليبي عبد الباسط المقراحِي المُدان بتفجير طائرة البانام فوق اللوكربي باسكوتلنـدا عام 1988 والتي عرفت تحقيقات لا نهاية لها ومحاكمة ملحمية شهيرة عام 2001 قضت بتبرئة زميله وحكمه هو بالمؤبَّـد مع التعويض النقدي الي الـ 270 راكباً بثلاثة مليارات دولار أميركية من قبل الدولة الليبية. وقد بدأت تتراكم المُعطيات ببراءة الرجل بعد استئنافه الثاني المقبول مما بدا يُشكِّل عبئاً ثقيلاً علي القضاء البريطاني والدولي وكذلك علي الرأي العام البريطاني والعالمي. وهذا ما يدعونا الي التأمل والاعتبار بأن محاكمة قتلة الحريري لن تكون سهلة وقصيرة علي الاطلاق، بل الأرجح ستكون حبلـي بالمفاجآت التي شهدناها في قضية اغتيال كندي عام 1961 التي لن تتوصل الي نتيجة نهائية عادلة حاسمة.ا
وها هـي الوثائق الأميركية الخارجة من الاعتقال تخبرنا بمحاولة الولايات المتحدة الأميركية كدولة اغتيال كاسترو عن طريق المافيا وهذا ما هو ممنوع في الدستور الأميركي ولا نريد أن نذهب أبعد من ذلك بالإشارة الي لُغز إحراق وإسقاط بُرجيْ منهاتن عام 2001 والذي ليس من المُستبعد أن يكون لطرفٍ ضليعٍ فيه ضلعٌ في مصرع الشهيد الحريري لأن المستفيد أو المستفيدين الأوّلين هما أنفسهما بالذات... فلماذا لا يُحاكم كاسترو أميركا في محكمة لاهاي الدولية لدورها المتعمِّـد في مشروع اغتياله. إننا قد نصير في عين العاصفة او قلبها التي تصورها الرئيس السوري اذا ما قامت قيامة المحكمة الدولية من علي منصّة البند السابع أي في معمعة الفوضي الخلاقة العنيفة التي أرادوها لنا بينما هم يغرفون البترول العربي المحيطي الفيّاض الذي نحن في غنيً عنهُ لانشغالنا بتصفية بعضنا البعض ببربرية لا نُحسـد عليها.ا
إننا نصرّ علي عقد هذا المؤتمر الذي اقترحناه لأن أصحاب القرار سيكونون حاضرين من كل الأطراف المحلية والاقليمية والدولية التي قد يُستحسن اضافة روسيا والصين وتركيا إليها، وفي حال صدور القرارات ستكون القرارات ملزمة لكل الأطراف، لأن اللبنانيين لا يعرفون الاتفاق فيما بينهم، ولئن اتفقوا فسيكون اتفاقهم ترقيعياً مؤقتاً سرعان ما يتفتق بعد قليل ... انهم تعوّدوا السماع الي الأجانب وتنفيذ القرارات التي تأتي من فوق فالفرنجـي عندهم برنجـي.ا
لقد قال أحد المهاجرين اللبنانيين في منتصف القرن العشرين. ما أتعس الحكم في لبنان وما أسعد السكن فيه ، ونحن نضيف بدورنا: ليس أتعس من الحكم في لبنان سوي السكن فيه. فكأن الآذان صبَّت من رصاص أمام صرخة البطريرك: لنتفق قبل أن يتفقوا علينا فيجيب نفسه يائساً حزيناً: من بأيديهم الحلّ والربط ليسوا في لبنان.ا
تقول السانداي تايمـز البريطانية منذ أسبوعين :
إن الحرب المقبلة ستكون كونيّة تبدأ في الشرق الأوسط بخلاف الحربين العالميّتين السابقتين اللتين بدأتا في شرق أوروبا. فهل يسمع أهل الغرب أصواتهم هُـم قبل فوات الأوان أم معنا سيكون الي مجاهل المجهول سائرين؟ ذلك هو السؤال الذي ستجيبنا عليه الأيام أو الأشهر القادمـة.ا

"أحمد منصور"

06/07/2007

(عن جريدة القدس العربي)

jeudi 5 juillet 2007

الارهاب: اجوبة لا يريدون سماعها

لم يسأل محلل او خبير استراتيجي بريطاني، او امريكي نفسه، عن الاسباب التي تدفع طبيبا اردنيا من اصل فلسطيني، متفوقا في تخصصه النادر في جراحة الاعصاب، وآخر عراقيا لقيادة سيارة مليئة بقارورات الغاز والبنزين واقتحام واجهة مطار حيوي في اسكتلندا.ا
نتفق مع البريطانيين الذين بادرونا بالسؤال من جانبهم لماذا يأتي هؤلاء من علي بعد خمسة آلاف كيلومتر الي بريطانيا ويقدمون علي مثل هذه الاعمال الارهابية، بهدف قتل مواطني بلد وفر لهم الوظيفة والتدريب، ولكن من حقنا ان نعكس السؤال ونقول: لماذا يذهب عشرة آلاف جندي بريطاني مسافة خمسة آلاف كيلومتر الي العراق ويحولون هذا البلد الي مقبرة جماعية تضم رفات مئات الآلاف من
الابرياء؟

05/07/2007
(عبد الباري عطوان"(عن جريدةالقدس العربي"

mercredi 4 juillet 2007

مناجاة




يا من لا تراه العيون ، ولا تخالطه الظنون ، ولا يصفه الواصفون ، ولا
تغيره الحوادث ، ولا يخشى الدوائر ، يعلم مثاقيل الجبال ، ومكاييل البحار ، وعدد الأمطار ، وعدد ورق الأشجار ، وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار ، ولا تواري منه سماءٌ سماء ً ، ولا أرض أرضاً ، ولا بحر ما في قعره، ولا جبل ما في وعره... اجعل خير عمري آخره ، وخير عملي خواتمه ، وخير أيامي يوم ألقاك فيه.ا

نعوم تشومسكي وأوهام الشرق الاوسط












...
قانون التاريخ هو كالتالي: تتحدد الحقوق علي أساس الإسهامات في حفظ النظام
فالولايات المتحدة، لديها حقوق لا جدال عليها. وأما بريطانيا، فلها حقوق ما دامت تلعب دور الكلب التابع الوفي. وأما أعضاء الواجهة : الحكومات العربية، فلديهم حقوق ما داموا يسيطرون علي شعوبهم، وما داموا يضمنون ذهاب الثراء إلي الغرب. وماذا عن الفلسطينيين؟ إنهم أناس ليس لديهم أي ثراء، ليس لديهم أي قوة. ومن ثم فليس لديهم أية حقوق. إن الأمر أشبه ما يكون بالعملية الحسابية :2+2 = 4 بل إن لديهم حقوقا سلبية، والسبب في ذلك، أن معاناتهم وتشريدهم في مختلف البلاد يثير الإضرابات والمعارضات في بقية أنحاء العالم (ص 67). يصنف الوعي الأمريكي الفلسطينيين، في خانة أولئك الذين: (لا يسهمون في تدعيم نظام القوة) (ص 19). علاوة علي كونهم يسببون في حالة عدم الاستقرار، مثلهم في ذلك مثل الأكراد أو (ساكني العشوائيات في القاهرة) (ص19). نتيجة ذلك، عدم امتلاكهم لأية حقوق.ا
علي الفلسطينيين في أحسن الأحوال وأفضلها، أن يكتفوا بالعيش كما كان الأمر مع سود إفريقيا الجنوبية، داخل الكانتونات ، لأنهم كما قال روث ويس ، في مجلة اللجنة الأمريكية اليهودية : (ليسوا فقط أناسا عديمي الأهمية ، بل هم في الدرك الأسفل، لأنهم يتدخلون في برامج ومخططات أكثر الناس، أهمية في العالم : النخبة الأمريكية واليهود الإسرائيليين (ما داموا يحتفظون بوضعهم ومكانتهم). والفلسطينيون العرب هم أناس يلدون وينزفون دماء، ثم يروجون مأساتهم إعلاميا ) (ص20). ولأن ( الشعوب غير المهمة، مثلها مثل الناس غير المهمة ، يمكنها أن تتوهم بسرعة بأنها مهمة ، الأمر الذي يجب نزعه بالقوة من عقولهم التقليدية) (ص 19)، يضيف إيرفينغ كريستول، أحد المثقفين المحافظين الجدد.ا
أما موشي ديان الشهير، فقد سبق له أن وجه نصيحة حاسمة للاجئين الفلسطينيين، يقول فيها : (ليس لدينا حل، فعليكم أن تظلوا تعيشون عيشة الكلاب. وكل من يأمل في الرحيل فليرحل، وسنري إلي أين ستقودنا هـذه العملية) (ص44).ا
وهو ما حاولته القيادات الإسرائيلية الأولي، بتذويب هؤلاء اللاجئين بين الطبقات الفقيرة في الدول العربية، لكي يواجهوا القمع والموت...ا
(عن جريدة القدس العربي)

dimanche 1 juillet 2007

...
هذه الصفحات هي بقايا دموع. صدى صرخات ترددت بعيداً في نفسي وفي نفوس الآخرين. لها طعم الملح ولسع النار ووخز الإبر وإلحاح الضمير وبريق الأمل. إنها خريطة لأعماقي وليست أعماقي، ولا كل الأعماق واضحة. وأنا دائماً أحاول، دون ملل، أن أوضح نفسي لنفسي، أن أسلط نفسي على نفسي، أن أقلب نفسي بيدي وأتفرج عليها.. برفق كأنني أحبها، وبقسوة كأنني أكرهها.. ومن كراهيتي لنفسي وحبي لها تتساقط الدموع ويتطاير العرق وتتمزق آهاتي وتضيع وأضيع أنا. فأنا لست إلا آهاتي.. الخ
...
"أنيس منصور"
(عن جريدة الشرق الاوسط)

! مشاريع السلام العربية

! مشاريع السلام العربية

! بعد أربعين عاما من النكبة

! بعد أربعين عاما من النكبة

!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس

!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس