عبدالعزيز السويد الحياة - 08/03/07//
هل تتوقع أن ينتظر الفساد فرق ولجان مكافحته وهو مكتوف اليدين قاعد ينتظر؟ هل تعتقد أنه ضعيف وخائف الآن موارياً وجهه القبيح بعد قرار إنشاء هيئة للمكافحة؟
إذا كنت تعتقد ذلك فأنت مخطئ. الفساد قوي، فيه من قوة صاحب الباطل في الدفاع عن باطله، وفي مكافحته من ضعف صاحب الحق في الحصول على حقه، ألا تظن معي أن الفساد يبتسم الآن بعد القرار ويفكر في حياكة العُقد والفخاخ؟
للفساد عيون بعدد أصابعه، التي لا اعرف كم هي بل أشك في إمكان إحصائها، أصابع يجمعها حب المال، والكل يحب المال فقد زين للناس إلا أنهم يختلفون في التدقيق بمصادره، كل بحسب سعة الذمة، فيقال «فلان مذهبه واسع»، والغريب أن كثرة المال تزيد من حبه، لذلك يضحك من هو مشغوف بجمع المال بعيداً من نظافة مصدره، يضحك و «يكركر» على القناعة. ومن فرط سخريته منها ربما يضع لوحة «القناعة كنز لا يفنى» على سطح مكتبه، ولا يعي من العبارة حق الوعي سوى «الكنز»! والفساد وحدة واحدة مترابطة تجمعها المصالح الفاسدة، والتطلعات لتحسين الوضع على حساب أوضاع آخرين، ربما أوضاع الجميع إذا كان مالاً عاماً، وللفساد ألف وجه ووجه وله صور ملونة وابيض واسود، ابسطها «التنفيع» فيوكل أمر ما لمن لا يجيده ولا يؤتمن عليه، لأن له صحبة أو قرابة.
والفساد مرتبط جذرياً بالمال، فذاك يمارس لأجل هذا، فهو أبوه وأمه وعمه وخاله وابنه، وأقصى درجات قرابته، وسابع جار له، وهما من قبيلة واحدة وجوه أفرادها موســــومة بوشـــــم فئة نقــــدية يحددها مستواه، وعدد من صور الفساد معروفة للــــقاصي والداني، أبرزها التفاني في تسويغ ظلم القوي فرداً كان أو جهة والمـــحافظة على مصالحه، بل تضخيمها في مقابل الضعيف الذي يؤكل حقه، وهي أشهر صوره، بعدها من السطح فترة طويلة من الزمن جعلها تكبر وتتضخم، فتصبح من القوة بحيث لا يمكن لفرد أو أفراد مواجهتها، ليخلو الجو والمكان للعملة الرديئة.
وأتوقف عند صورة سفلية شعبية من صور الفساد، لأنها تتشح زوراً بعباءة فعل الخير ويمكن لي أن أطلق عليها «الشحاذة»، أو التسول المستتر، كأن تكون صاحب مصلحة أو تمثلها وتتابع شأناً لك فيحتك بك الموظف المسؤول عن انجاز حاجتك، وتنتقل الحكة إلى جيبه أو درج مكتبه فيفتحه، لافتاً نظرك إلى معرفته لأناس من «الضعوف» الذين يحتاجون المساعدة! ويتفنن في التأخير لحين الحصول على مراده، خصوصاً إذا لم تكن «معقداً» بحسب مصطلحات لغة الفساد الدارجة.
الفساد قوي ومكافحته تحتاج أول ما تحتاج إلى نية سليمة وعزم صادق وطول نفس، يضــاف إلى ذلك ضرورة إيكال أمر مكافحته لمن عرف عنهم قوة مع تعفف وحسن الإدارة مع الدراية ممن لا شائبة في سيرهم.
asuwayed@yahoo.com
jeudi 22 mars 2007
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
! مشاريع السلام العربية
! بعد أربعين عاما من النكبة
!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire