dimanche 25 mars 2007
مشروع الحكم الذاتي في الصحراء الغربية: أهو الفرصة الاخيرة؟
هل يمكن القول ان نزاع الصحراء الغربية الذي طال اكثر من ربع قرن في طريقه الي حل يرضي الاطراف المعنية (خاصة المغرب والبوليساريو والجزائر) عملا بمبدأ لا غالب ولا مغلوب ؟ وهل ستفلح الامم المتحدة ـ اخيرا ـ في الوصول الي تسوية سلمية نهائية، بعدما اعترفت في مراحل سابقة بفشلها في هذه المهمة، ورسمت صورة مغرقة في التشاؤم والسوداوية عن النزاع وسبل انهائه؟شيء مؤكد ان بارقة الامل بدات تلوح في الافق، وزكتها التصريحات الصحافية التي ادلي بها بان كي مون الامين العام الجديد للمنظمة الاممية، اذ وصف مشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب لتسوية النزاع بـ المبادرة المرنة ، ونقلت عنه وكالة الانباء الاسبانية (ايفي) قوله: في هذا الوقت هناك خلاف بين الاطراف، غير انني علمت ان ملك المغرب اتخذ مبادرة شخصية ومرنة، ستعرض علي انظار مجلس الامن .لم يكتف المغرب باقتراح مبادرة للخروج من المأزق الحالي بشأن قضية الصحراء، بل جند موفدين لشرح اسس هذه المبادرة واهدافها، املا في ان تلقي الصدي المرجو خلال عرضها علي انظار مجلس الامن في نيسان (ابريل) القادم. ويبدو ان لقاءات الموفدين المغاربة مع قيادات العديد من بلدان العالم، بمن فيهم الاعضاء الدائمون في مجلس الامن والقيادات العربية والاسلامية، وزعماء الاقطار الافريقية والاوروبية والامريكية اللاتينية، بدات تعطي ثمارها الاولي، من حيث تثمين المبادرة المذكورة واعتبارها ارضية للحوار والنقاش، خاصة ان الطرف المغربي ابدي استعداده لقبول الافكار والاقتراحات التي يمكن ان تثري الارضية، باعتبارها تستجيب للشرعية الدولية.لماذا هذه المبادرة؟جاء مشروع منح الاقاليم الصحراوية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية، بعد وصول مختلف المسارات السابقة الي الباب المسدود، وقد اختزلت تلك المسارات في ما اعلن عنه الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي عنان ومبعوثه الشخصي الي الصحراء جيمس بيكر، من خيارات اربعة لحل النزاع:1 ـ مخطط التسوية ، والمقصود به اجراء استفتاء تقرير المصير، من خلال تخيير الصحراويين بين الانضمام الي المغرب او الاستقلال عنه. وهو اقتراح ثبت فشله واستحالة تطبيقه بالنظر الي عدم الوصول الي الاتفاق النهائي علي تحديد هوية المشاركين في الاستفتاء. فاللجان التي انتدبتها الامم المتحدة لهذا الغرض في الاقاليم الصحراوية المغربية ومخيمات تندوف بالتراب الجزائري، لم تصل الي لوائح محددة ومتفق عليها، لان كل طرف (المغرب والبوليساريو) كان يطعن في لوائح الاشخاص المرشحين للتصويت.2 ـ الاتفاق الاطار ، (او ما اطلق عليه حينها بالحل الثالث) ينص علي بقاء الاقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية مع منحها صلاحيات التسيير الذاتي لمدة خمس سنوات، بعدها يجري استفتاء في الموضوع بين الاستقلال او الانضمام. غير ان البوليساريو مدعومة بالجزائر سارعت الي رفض هذا الاقتراح، واعتبرت ان الامم المتحدة تساير به تطلعات المغرب وطموحاته.3 ـ تقسيم الاقاليم بين المغرب والبوليساريو، اقتراح روجت له القيادة الجزائرية الحالية، ورفضه الطرفان المعنيان: فالمغرب يرفض ان يقتطع اي شبر من اراضيه، والبوليساريو تطمع في ما تسميه استقلالا تاما وسيطرة علي كامل الاقاليم الصحراوية.4 ـ انسحاب الامم المتحدة ونفض يدها من النزاع، وهو ما ينذر بعودة القضية الي اجواء التوتر السابقة، خاصة وان قيادة البوليساريو هددت اكثر من مرة بالرجوع الي حمل السلاح والمواجهة مع المغرب. زكي ذلك قول الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في تصريحات صحافية ـ اخيرا ـ انه لا يستبعد احتمال استئناف المناوشات بين البوليساريو والمغرب في حال فشل الدبلوماسية في الوصول الي حل.وهكذا، ايقنت الامم المتحدة ومعها كل المنتظم الدولي ان الحلول السابقة جميعها اصبحت متجاوزة، وان الخروج من المازق الحالي لا يمكن ان يتم الا عبر التوصل الي حل سياسي متفاوض بشانه. وفي هذا السياق، تاتي المبادرة الجديدة من لدن المغرب، التي اعتبرها المتتبعون والكثير من الساسة اقتراحا عمليا وبناءً يساعد علي فتح قنوات الحوار حول قضية الصحراء. فما هي سمات مشروع الحكم الذاتي الذي يقترحه مجلس الامن؟ملامح مشروع عملييتسم المشروع المقترح بكونه يحترم المعايير الدولية للحكم الذاتي، كما هي مطبقة في العديد من اقطار العالم كاسبانيا وايطاليا والمانيا. فهو يمنح لابناء الاقاليم الصحراوية كامل حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتدبير شؤونهم اليومية بانفسهم، كما انه يتضمن تصورات بخصوص الجهاز التشريعي والتنفيذي قد تستدعي اجراء تعديل في الدستور المغربي (حسب بعض المتتبعين). كما انها قد تتطلب استفتاء في صفوف المغاربة جميعا حول مقترح الحكم الذاتي، واستفتاء ثانيا في الصحراء حول تفاصيل المشروع. وسيتم ـ في ما بعد ـ انتخاب برلمان محلي علي اساس تمثيل نسبي للقبائل وتمثيل النساء، وتشكيل حكومة محلية بوزير اول وجهاز قضائي. لكن امور السيادة والدفاع والخارجية تبقي من مهام السلطات المركزية في الرباط.وبرأي بعض المراقبين، فان الحكم الذاتي قريب جدا من تقرير المصير اذا وقع الاتفاق حوله بين الاطراف المعنية تحت رعاية مجلس الامن. انه يعني نقل اختصاصات السلطة المركزية الي الاقليم، مع احترام السيادة الوطنية، بما يعني ان تقرير المصير ـ حسب هذا التصور ـ لا يعني الاستقلال والانفصال، الذي تروج له قيادة البوليساريو مدعومة بالقيادة الجزائرية.من بين مميزات المشروع كذلك انه يشكل تعاطيا جديدا للتعامل الرسمي مع قضية الصحراء. ففي السابق، كانت القرارات تتخذ من لدن الدوائر العليا، وفي نطاق دائرة ضيقة جدا (وزارة الداخلية) وكان ينظر الي الصحراء كقضية حساسة جدا لا تقبل الاختلاف او تعدد وجهات النظر. اما مع العهد الجديد الذي يقوده العاهل محمد السادس، فقد وقع الراي علي اعتماد سياسة تشاركية واسعة. وفي هذا الاطار، جاء احداث المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية (الذي تحل هذه الايام الذكري السنوية الاولي لتأسيسه) والذي يضم ممثلي مختلف قبائل الصحراء. كما ان الملك عمل علي اشراك اعضاء هذا المجلس وكذا الاحزاب السياسية في مناقشة المشروع المذكور وابداء ملاحظات واقتراحات بشانه. واجمعت جل الهيئات السياسية المغربية علي نجاعة المقترح، وعلي طابعه العملي الذي يكفل انهاء النزاع بطرق سلمية حضارية تحفظ ماء وجه الطرف الآخر؛ هذا الطرف (البوليساريو) الذي يمكنه المشاركة في التسيير المحلي عند تطبيق الحكم الذاتي. وبهذا الخصوص، كشف رئيس المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية خليهن ولد الرشيد ـ في تصريحات صحافية ـ انه اجري اتصالات مع اعضاء من البوليساريو وحاورهم، مؤكدا ان عددا من قيادات الجبهة رحبوا بمشروع الحكم الذاتي، وينتظرون الاطلاع علي معالمه النهائية. ما يعني ان الكثيرين منهم اقتنعوا اخيرا باهمية الحل الواقعي والعملي المتمثل في التنوع في اطار الوحدة ، وليس بسياسة التعنت والهروب الي الامام المتمثلة في النزعة الانفصالية. وكما فتح المغرب الحوار حول مشروع الحكم الذاتي بين مكوناته السياسية المختلفة، فتحه ايضا علي المستوي العالمي في اطار حملة دبلوماسية واسعة يقوم بها لاول مرة بشكل مكثف ولافت للانتباه، حظيت بتقدير العديد من الاوساط الدولية. وهكذا اوفد العاهل المغربي مبعوثيه للكثير من العواصم العربية والعالمية، وهم محملون برسائل ملكية للرؤساء والملوك تتضمن تفاصيل وافية عن المشروع الذي تعود ارهاصاته الاولي الي حوالي سنتين، فقد سبق للمغرب ان وجه مذكرة الي الامين العام السابق للامم المتحدة اوضح فيها ان الاقتراح الشجاع والمسؤول المتعلق بالحكم الذاتي، في ظل احترام السيادة الوطنية، يندرج تماما ضمن مفهوم تقرير المصير باعتباره طريقة مفضلة لممارسة ساكنة معينة لحقوقها الفردية والجماعية. ويعتبر الاقتراح حلا سياسيا يتطابق مع الشرعية الدولية ويوفر افضل الآفاق لتسوية نهائية. وكما جاء في المذكرة الموجهة الي الامم المتحدة، فان المغرب يظل منفتحا علي هذا الحل الذي يحفظ سيادته ووحدته الترابية، ويمكن السكان من تسيير شؤونهم المحلية بشكل مباشر وديمقراطي. وفي سبيل هذه الغاية، فهو مستعد للانخراط، بحسن نية وبعزم، في مفاوضات معمقة وبناءة، بهدف المساهمة بشكل ملموس وذي مصداقية في انجاحها. ويامل المغرب في ان يستطيع الاعتماد علي كل ذوي النيات الحسنة الذين يتمسكون باخلاص بتوفير الشروط المشجعة لايجاد تسوية واقعية ومتوافق بشانها للنزاع حول الصحراء، تمكّن سكان المخيمات من الالتحاق بذويهم، كما تمكّن دول المغرب العربي من تحقيق الوحدة والتضامن.سياقات محلية ودوليةعلي المستوي المحلي، تكمن اهمية الاقتراح المغربي في انه يأتي متزامنا مع ورشين اصلاحيين كبيرين تعيشهما البلاد حاليا: الورش الديمقراطي، المتجلي في تكريس مبدأ التعددية السياسية وتعزيز مكانة السلطات المنتخبة وضمان شفافية اكبر في الانتخابات وحياد السلطة خلالها، وتكريس حرية التعبير والنشر. اما الورش الثاني، فيتعلق باطلاق مبادرة كبري للتنمية في مختلف المدن والاقاليم، لمحاربة الفقر والتهميش ودعم المشاريع الاقتصادية والاجتماعية الصغري التي يمكن ان تساعد علي توفير الشغل للشباب والمراة وتحسين المستوي المعيشي والاجتماعي للسكان المعوزين. هذه المبادرة التي تعيش سنتها الثانية تخضع للاشراف المباشر للعاهل محمد السادس، وتساهم في انجازها مجموعة من هيئات المجتمع المدني بتمويل من السلطات العمومية.وعلي المستوي الاقليمي والجهوي، ياتي مشروع الحكم الذاتي موازياً لجهود تقوم بها المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في البلدان المغاربية الخمسة من اجل احياء اتحاد المغرب العربي، وتقوية سبل العمل المشترك سياسيا واقتصاديا وثقافيا. ولن يتحقق ذلك، سوي بحل معضلة الصحراء وانهاء النزاع المفتعل وازاحة هذه الغيمة الداكنة من سماء شعوب المنطقة. اما علي المستوي الدولي، فالمساعي المغربية تندرج في سياق التوجهات العالمية القائمة علي الوحدة والتكتل والغاء الحدود الضيقة (مثلما هو حاصل في اوروبا)، ولا يعقل انه في الوقت الذي تطمح فيه البلدان العربية عامة والمغاربية خاصة الي الاقتداء بالنموذج الاوروبي، والغاء الحواجز الجمركية وتكريس وحدة سياسية واقتصادية، نجد ان البعض ينادي بالتشرذم والانفصال. والحال ان ما يوحدنا كمغاربيين وكعرب اكبر بكثير مما يفرّقنا. ولا يستبعد ان يساهم الاقتراح المغربي في المزيد من ارباك البوليساريو واحكام طوق العزلة حولها، بالنظر الي حالة السخط والتذمر الموجهة داخليا ضد قيادتها، وفي هذا الصدد، نفهم سر نشاط تيار خط الشهيد الذي يتهم قيادة الجبهة بالتسلط واحتكار النفوذ، ويؤمن ان لا حل لقضية الصحراء خارج التفاوض المباشر مع المغرب؛ هذا الاخير الذي يمد يده للمصافحة وطي صفحات الماضي والمساهمة في بناء الوطن الكبير، ضمن اطار من التكامل والوحدة التي تجد مسوغاتها في روابط الدم والتاريخ والحضارة المشتركة، وذلك مع اخذ الخصوصيات الاجتماعية والثقافية للاقاليم الصحراوية بعين الاعتبار. ہ كاتب من المغرب.tahartouil@hotmail.com
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
! مشاريع السلام العربية
! بعد أربعين عاما من النكبة
!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire