
تواضع السيد انس الفقي وزير الإعلام المصري، وتعطف علي البرلمان بخطوته المباركة، فقد ذهب إليه مؤخرا بعد ان كان قد تعالي عليه، حيث اعتاد في الآونة الأخيرة علي إرسال مرؤوسيه إليه، ليردوا علي طلبات الإحاطة والأسئلة التي يوجهها بعض النواب، الذين لا يعلمون ان العين لا تعلو علي الحاجب، وان سمو الوزير المفدي ليس كغيره من الوزراء، فهو من ناحية تجسد فيه الحديث القدسي: وعزتي وجلالي لارزقن من لا حيلة له، حتي يتعجب من ذلك أصحاب الحيل.. من أمثالي، وهو من ناحية أخري لم يأت به الي منصبه رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة، فهو من اختيار جمال مبارك شخصيا.. حوالينا لا علينا!
النواب كانوا قد مارسوا (الشحتفة) حتي يشرفهم الوزير بزيارته الميمونة، وفي كل مرة يرسل غيره إليهم، لكنه مؤخرا ذهب الي هناك، ولسان حال النواب يقول: خطوة عزيزة. وقد كانت المناسبة هي الحصول علي الموافقة علي قرض من مؤسسة ألمانية، قدره مليون يورو، يورو ينطح يورو، وهو مبلغ ضخم اذا تم تحويله الي العملة المصرية، لانه يحتاج الي سيارة نصف نقل لحمله.. والله أعلم. ويبدو ان هذا هو السبب الذي جعل الوزير المفدي يتواضع ويذهب الي البرلمان، وقد وجدها النواب فرصة عظيمة فالتفوا حوله، ليحصلوا علي (توقيعه الشريف) علي طلبات ناخبيهم، فكانوا في التفافهم كالعامة عندما يحتشدون حول نجوم السينما اذا رأوهم رأي العين!
الوزير ذهب في البداية الي حيث يجلس أحد مراكز القوي السابقين كمال الشاذلي، وقام بالتوقيع علي جميع طلباته.. ( أصيل يا انس)، قبل ان ينظر الي طلبات النواب الآخرين، وهذا ليس موضوعنا، فما يهمنا في هذا المجال هو القرض الألماني، فإذا كان الألمان يتصرفون علي طريقة من معه يورو ومحيره يشتري به حمام ويطيره فهل إعلام انس الفقي الشائخ يستحق ان نمد من اجله أيادينا ذات اليمين وذات الشمال، وبالاقتراض من الألمان ومن غيرهم؟ ومؤكد ان القرض سيتم سداده من أموال الشعب المصري، وكان المفروض ان يخبرنا الوزير عن ما هي حاجة إعلامنا لهذه الأموال، مع أنها مستورة والحمد لله، فإعلامنا لا يهتم به أحد، ولو تم إغلاقه بالضبة والمفتاح، وتسريح العاملين فيه بإحسان، فلن يشعر بذلك انس ولا جان، فلا شيء يستحق الاقتراض وقلة القيمة!
لقد كان واضحا ان الوزير جاء في حماية رئيس مجلس الشعب فتحي سرور، فعندما انتهز أحد النواب وجوده ووقف يتهمه بالفشل، ويؤكد ان قنوات تلفزيونه فقدت مصداقيتها وانصرف الناس عنها، أسكته سرور وقال ان هذا ليس موضوعنا، فالموضوع هو الموافقة علي القرض، وبمجرد ان حصل الوزير عليها انصرف في أمان الله. وقد ترك رئيس البرلمان النواب الذين قالوا كلاما اضحك الثكالي والمطلقات، فأحدهم انتصب واقفا وقال ان الإعلام المصري لا يزال يحتفظ بريادته.. حلاوتك. ولم يسكته سرور بحجة ان هذا ليس موضوعنا.
تلفزيون فاشل وسكتنا، فلا يقدر علي القدر الا القادر، ألا وان يتم الاقتراض من اجله، فهذا هو الغريب.
عموما لا غريب ولا يحزنون، فالمهم ان يعيش الوزير انس ويقترض.. ويا عزيزي الوزير: حسك في الدنيا!
عباس رحل
بدأ موسم الهجرة من (الجزيرة)، فقد تركها عباس ناصر، وقبله انسحب منها حافظ المرازي، ومعلوماتنا ان تلفزيون الـ (بي بي سي)، الذي سيبدأ بث إرساله في تشرين الاول (أكتوبر) المقبل، يمثل عملية جذب للعاملين في هذه المحطة، والذين يبدو انهم باتوا يخافون من الغد. وتبدو الجزيرة غير مهتمة بذلك، من باب التعالي، وإعمالا لسياسة الباب يفوت جمل، المعتمدة لدي أصحاب محلات البقالة في مواجهة العاملين في محلاتهم، الأمر الذي بتنا نخشي معه ان نستيقظ ذات صباح فلا نجد في (الجزيرة) سوي ثلاثي أضواء المسرح، الذين يحتلون الشاشة، كما كانت تحتل شاشة التلفزيون المصري في السابق مفيدة شيحة، وكما يحتله الآن تامر أمين نجل أمين بسيوني وشقيق كل من المذيع علاء بسيوني والفنانة ندي بسيوني.
عباس ناصر هو مراسل الجزيرة الذي شاهدناه وهو يغطي أحداث الاعتداء الإسرائيلي علي الجنوب اللبناني، وبرز كنجم تلفزيوني بسبب هذه التغطية. والجزيرة ليست التلفزيون المصري، او السوري، او الجزائري، او الصومالي، حتي يضحي بها إعلامي، ويستبدل بها غيرها. والمعني ان هناك أسبابا موضوعية دفعت عباس الي ذلك، وستدفع بغيره، وهو أمر ان لم تتنبه له إدارة الجزيرة، فسوف يأتي عليهم يوم يصبحون في حكم وزير الإعلام المصري السابق صفوت الشريف، عندما كان يلصق بتلفزيونه الشائخ صفة (الريادة الإعلامية)، فيُضحك السامعين كما لو كان قد أطلق نكتة!
صلاح نجم
علي ذكر تلفزيون الـ (بي بي سي) فان كاتب هذه السطور يتنبأ له بالنجاح، وهو النجاح الذي سيكون سببا في تحريض الجزيرة علي النهوض من باب المنافسة، والمشاهد مثلي هو المستفيد، وسيكون هذا دافعا للقناة القطرية للحفاظ علي أهم ما تملك وهو الثروة البشرية، فليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كله عند العرب صابون، وليس كل من ظهر علي الشاشة وقال: مشاهدي الكرام، يمكن ان يصبح مثل فيصل القاسم، وخديجة بن قنة، وليلي الشايب، وجميل عازر، وكمال ريان، وجمانة نمور، وتوفيق طه.
أتنبأ بالنجاح للتلفزيون سالف الذكر لان صلاح نجم هو القائم علي أمره، وهو الذي ساهم في نجاح قناة الجزيرة من قبل، وبسبب هذا انغاظ القوم عندنا في مصر، وكانوا يحملونه مسؤولية كل النقد الموجه للنظام المصري والذي كان يحدث في أي برنامج، وهو يعرفون انهم يحملونه اكثر من طاقته، فقد كانوا في ضيق منه، لان الجزيرة مسحت تلفزيونهم (بأستيكة)، وجعلته يبدو للمشاهد كعجوز شمطاء، وقد وصل الأمر الي حد تهديدهم بسحب الجنسية المصرية منه، كما لو كانت قد أُعطيت له إيثارا او مُنحت تكرما، او أنها هبة من مولانا ولي النعم!
لقد عاد صلاح نجم الي مصر، وقيل أن أصحاب التلفزيون المصري سيستعينون به علي نوائب الدهر وغدر الزمان، إلا ان هذا لم يحدث، فجماعتنا في حكم الذي لا يدري، ولا يدري انه لا يدري، كما ورد في الحديث الشريف.
لقد استعان أصحاب قناة العربية بصلاح نجم في مرحلة التأسيس، وبدلا من ان تنافس قناة الجزيرة نافست الإخبارية السعودية العملاقة، وقد سألت عن السر وراء ذلك فقيل ان السعوديين أفشلوه، لكني اعتقد ان الإنكليز لن يكون من ضمن أهدافهم ان يبثوا فضائية بالعربية لينافسوا قناة النيل للأخبار.
عموما نحن في انتظار تلفزيون الـ (بي بي سي)!
انفذوا من واشنطن
مع احترامي لعبد الرحيم فقراء ولمحمد العلمي، فان برنامج (من واشنطن) فقد بريقه، والمشكلة في مقدمه السابق حافظ المرازي، الذي اتعب من بعده، وجعل مشكلة الزميلين شاقة للغاية، وربما لو بدأ البرنامج بهما لما كان المشاهد قد عقد هذه المقارنة الظالمة.
وفي تقديري ان حافظ قبل تركه للجزيرة قدم حلقة باهتة من البرنامج المذكور، هي التي استضاف فيها محمود سعد، ومذيعة دريم مني الشاذلي، ومذيع المحور معتز الدمرداش، لكن المشاهد تعامل مع هذه الحلقة علي أنها جملة اعتراضية، ولو استمر علي هذا المنوال لصار أداء فقراء والعلمي فتحا في تاريخ البرنامج.
من واشنطن ارتبط بمقدمه حافظ المرازي، الذي كان سببا في نجاحه، وكان علي إدارة الجزيرة ان تحتشد من اجل ان يحافظ البرنامج علي نجاحه ليس بالتغيير في الشكل وانما بالمحافظة عليه، وبطاقم من المعدين يقدمون أفكارا جذابة، ولو من باب التأكيد علي ان القناة لم تخسر شيئا بانصراف حافظ.
ارض ـ جو
أفضل برنامج في قناة الحرة هو (عين علي الديمقراطية)، واسوأ برنامج هو (حكايات مصرية) وأسوأ برنامج في التلفزيون المصري هو (صباح الخير يا مصر)، وأسوأ منه (حالة حوار).
نقلت (الجزيرة مباشر) جلسة دردشة من أحد البيوت، غدا تنقل وقائع (طهور) أبناء الأصدقاء.
أفضل مراسل تلفزيوني هو عمرو عبد الحميد مراسل الجزيرة في موسكو، وأسوأ مراسل هو مراسل
تلفزيون الريادة الإعلامية من بغداد إبان الغزو الأمريكي.
"سليم عزوز"
كاتب وصحافي من مصر
30/06/2007
azzoz66@maktoob.com
(عن جريدة القدس العربي)













