samedi 30 juin 2007

خوف علي الجزيرة ان تصبح تلفزيونا مصريا والنواب يحتشدون من اجل توقيع أنس اخوف علي الجزيرة ان تصبح تلفزيونا مصريا والنواب يحتشدون من اجل توقيع أنس الفقي


تواضع السيد انس الفقي وزير الإعلام المصري، وتعطف علي البرلمان بخطوته المباركة، فقد ذهب إليه مؤخرا بعد ان كان قد تعالي عليه، حيث اعتاد في الآونة الأخيرة علي إرسال مرؤوسيه إليه، ليردوا علي طلبات الإحاطة والأسئلة التي يوجهها بعض النواب، الذين لا يعلمون ان العين لا تعلو علي الحاجب، وان سمو الوزير المفدي ليس كغيره من الوزراء، فهو من ناحية تجسد فيه الحديث القدسي: وعزتي وجلالي لارزقن من لا حيلة له، حتي يتعجب من ذلك أصحاب الحيل.. من أمثالي، وهو من ناحية أخري لم يأت به الي منصبه رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة، فهو من اختيار جمال مبارك شخصيا.. حوالينا لا علينا!
النواب كانوا قد مارسوا (الشحتفة) حتي يشرفهم الوزير بزيارته الميمونة، وفي كل مرة يرسل غيره إليهم، لكنه مؤخرا ذهب الي هناك، ولسان حال النواب يقول: خطوة عزيزة. وقد كانت المناسبة هي الحصول علي الموافقة علي قرض من مؤسسة ألمانية، قدره مليون يورو، يورو ينطح يورو، وهو مبلغ ضخم اذا تم تحويله الي العملة المصرية، لانه يحتاج الي سيارة نصف نقل لحمله.. والله أعلم. ويبدو ان هذا هو السبب الذي جعل الوزير المفدي يتواضع ويذهب الي البرلمان، وقد وجدها النواب فرصة عظيمة فالتفوا حوله، ليحصلوا علي (توقيعه الشريف) علي طلبات ناخبيهم، فكانوا في التفافهم كالعامة عندما يحتشدون حول نجوم السينما اذا رأوهم رأي العين!
الوزير ذهب في البداية الي حيث يجلس أحد مراكز القوي السابقين كمال الشاذلي، وقام بالتوقيع علي جميع طلباته.. ( أصيل يا انس)، قبل ان ينظر الي طلبات النواب الآخرين، وهذا ليس موضوعنا، فما يهمنا في هذا المجال هو القرض الألماني، فإذا كان الألمان يتصرفون علي طريقة من معه يورو ومحيره يشتري به حمام ويطيره فهل إعلام انس الفقي الشائخ يستحق ان نمد من اجله أيادينا ذات اليمين وذات الشمال، وبالاقتراض من الألمان ومن غيرهم؟ ومؤكد ان القرض سيتم سداده من أموال الشعب المصري، وكان المفروض ان يخبرنا الوزير عن ما هي حاجة إعلامنا لهذه الأموال، مع أنها مستورة والحمد لله، فإعلامنا لا يهتم به أحد، ولو تم إغلاقه بالضبة والمفتاح، وتسريح العاملين فيه بإحسان، فلن يشعر بذلك انس ولا جان، فلا شيء يستحق الاقتراض وقلة القيمة!
لقد كان واضحا ان الوزير جاء في حماية رئيس مجلس الشعب فتحي سرور، فعندما انتهز أحد النواب وجوده ووقف يتهمه بالفشل، ويؤكد ان قنوات تلفزيونه فقدت مصداقيتها وانصرف الناس عنها، أسكته سرور وقال ان هذا ليس موضوعنا، فالموضوع هو الموافقة علي القرض، وبمجرد ان حصل الوزير عليها انصرف في أمان الله. وقد ترك رئيس البرلمان النواب الذين قالوا كلاما اضحك الثكالي والمطلقات، فأحدهم انتصب واقفا وقال ان الإعلام المصري لا يزال يحتفظ بريادته.. حلاوتك. ولم يسكته سرور بحجة ان هذا ليس موضوعنا.
تلفزيون فاشل وسكتنا، فلا يقدر علي القدر الا القادر، ألا وان يتم الاقتراض من اجله، فهذا هو الغريب.
عموما لا غريب ولا يحزنون، فالمهم ان يعيش الوزير انس ويقترض.. ويا عزيزي الوزير: حسك في الدنيا!

عباس رحل

بدأ موسم الهجرة من (الجزيرة)، فقد تركها عباس ناصر، وقبله انسحب منها حافظ المرازي، ومعلوماتنا ان تلفزيون الـ (بي بي سي)، الذي سيبدأ بث إرساله في تشرين الاول (أكتوبر) المقبل، يمثل عملية جذب للعاملين في هذه المحطة، والذين يبدو انهم باتوا يخافون من الغد. وتبدو الجزيرة غير مهتمة بذلك، من باب التعالي، وإعمالا لسياسة الباب يفوت جمل، المعتمدة لدي أصحاب محلات البقالة في مواجهة العاملين في محلاتهم، الأمر الذي بتنا نخشي معه ان نستيقظ ذات صباح فلا نجد في (الجزيرة) سوي ثلاثي أضواء المسرح، الذين يحتلون الشاشة، كما كانت تحتل شاشة التلفزيون المصري في السابق مفيدة شيحة، وكما يحتله الآن تامر أمين نجل أمين بسيوني وشقيق كل من المذيع علاء بسيوني والفنانة ندي بسيوني.
عباس ناصر هو مراسل الجزيرة الذي شاهدناه وهو يغطي أحداث الاعتداء الإسرائيلي علي الجنوب اللبناني، وبرز كنجم تلفزيوني بسبب هذه التغطية. والجزيرة ليست التلفزيون المصري، او السوري، او الجزائري، او الصومالي، حتي يضحي بها إعلامي، ويستبدل بها غيرها. والمعني ان هناك أسبابا موضوعية دفعت عباس الي ذلك، وستدفع بغيره، وهو أمر ان لم تتنبه له إدارة الجزيرة، فسوف يأتي عليهم يوم يصبحون في حكم وزير الإعلام المصري السابق صفوت الشريف، عندما كان يلصق بتلفزيونه الشائخ صفة (الريادة الإعلامية)، فيُضحك السامعين كما لو كان قد أطلق نكتة!

صلاح نجم

علي ذكر تلفزيون الـ (بي بي سي) فان كاتب هذه السطور يتنبأ له بالنجاح، وهو النجاح الذي سيكون سببا في تحريض الجزيرة علي النهوض من باب المنافسة، والمشاهد مثلي هو المستفيد، وسيكون هذا دافعا للقناة القطرية للحفاظ علي أهم ما تملك وهو الثروة البشرية، فليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كله عند العرب صابون، وليس كل من ظهر علي الشاشة وقال: مشاهدي الكرام، يمكن ان يصبح مثل فيصل القاسم، وخديجة بن قنة، وليلي الشايب، وجميل عازر، وكمال ريان، وجمانة نمور، وتوفيق طه.
أتنبأ بالنجاح للتلفزيون سالف الذكر لان صلاح نجم هو القائم علي أمره، وهو الذي ساهم في نجاح قناة الجزيرة من قبل، وبسبب هذا انغاظ القوم عندنا في مصر، وكانوا يحملونه مسؤولية كل النقد الموجه للنظام المصري والذي كان يحدث في أي برنامج، وهو يعرفون انهم يحملونه اكثر من طاقته، فقد كانوا في ضيق منه، لان الجزيرة مسحت تلفزيونهم (بأستيكة)، وجعلته يبدو للمشاهد كعجوز شمطاء، وقد وصل الأمر الي حد تهديدهم بسحب الجنسية المصرية منه، كما لو كانت قد أُعطيت له إيثارا او مُنحت تكرما، او أنها هبة من مولانا ولي النعم!
لقد عاد صلاح نجم الي مصر، وقيل أن أصحاب التلفزيون المصري سيستعينون به علي نوائب الدهر وغدر الزمان، إلا ان هذا لم يحدث، فجماعتنا في حكم الذي لا يدري، ولا يدري انه لا يدري، كما ورد في الحديث الشريف.
لقد استعان أصحاب قناة العربية بصلاح نجم في مرحلة التأسيس، وبدلا من ان تنافس قناة الجزيرة نافست الإخبارية السعودية العملاقة، وقد سألت عن السر وراء ذلك فقيل ان السعوديين أفشلوه، لكني اعتقد ان الإنكليز لن يكون من ضمن أهدافهم ان يبثوا فضائية بالعربية لينافسوا قناة النيل للأخبار.
عموما نحن في انتظار تلفزيون الـ (بي بي سي)!

انفذوا من واشنطن

مع احترامي لعبد الرحيم فقراء ولمحمد العلمي، فان برنامج (من واشنطن) فقد بريقه، والمشكلة في مقدمه السابق حافظ المرازي، الذي اتعب من بعده، وجعل مشكلة الزميلين شاقة للغاية، وربما لو بدأ البرنامج بهما لما كان المشاهد قد عقد هذه المقارنة الظالمة.
وفي تقديري ان حافظ قبل تركه للجزيرة قدم حلقة باهتة من البرنامج المذكور، هي التي استضاف فيها محمود سعد، ومذيعة دريم مني الشاذلي، ومذيع المحور معتز الدمرداش، لكن المشاهد تعامل مع هذه الحلقة علي أنها جملة اعتراضية، ولو استمر علي هذا المنوال لصار أداء فقراء والعلمي فتحا في تاريخ البرنامج.
من واشنطن ارتبط بمقدمه حافظ المرازي، الذي كان سببا في نجاحه، وكان علي إدارة الجزيرة ان تحتشد من اجل ان يحافظ البرنامج علي نجاحه ليس بالتغيير في الشكل وانما بالمحافظة عليه، وبطاقم من المعدين يقدمون أفكارا جذابة، ولو من باب التأكيد علي ان القناة لم تخسر شيئا بانصراف حافظ.

ارض ـ جو

أفضل برنامج في قناة الحرة هو (عين علي الديمقراطية)، واسوأ برنامج هو (حكايات مصرية) وأسوأ برنامج في التلفزيون المصري هو (صباح الخير يا مصر)، وأسوأ منه (حالة حوار).
نقلت (الجزيرة مباشر) جلسة دردشة من أحد البيوت، غدا تنقل وقائع (طهور) أبناء الأصدقاء.
أفضل مراسل تلفزيوني هو عمرو عبد الحميد مراسل الجزيرة في موسكو، وأسوأ مراسل هو مراسل
تلفزيون الريادة الإعلامية من بغداد إبان الغزو الأمريكي.

"سليم عزوز"


كاتب وصحافي من مصر

30/06/2007

azzoz66@maktoob.com
(عن جريدة القدس العربي)

jeudi 28 juin 2007

! تبادل بين العرقنة واللبننة



عرقنة... لبننة... أمركة... أفغنة، مصطلحات نسمعها ونقرأها كثيراً في صحافتنا العربية والتحليلات السياسية التي تفيض بالاجتهادات في معرض تفسير القضايا العربية البارزة في واجهة الصراع الإقليمي. وقد باتت هذه المصطلحات خير تعبير عن التماثل القائم بين المحللين حتى لنكاد نشعر بأنهم يستمتعون بإطلاق هذه الأوصاف في معرض تشبيه واقع بلد «تعيس»، فلبنان «يعرقنونه» والعراق «يلبننونه» والانفتاح العربي على الولايات المتحدة يفسرونه بالأمركة. وإذا أمعنوا في التخوين، وهي الموضة السائدة في السياسات المتضاربة، فيذهبون الى حد التهويد، ليفصلوا رداءات نسبية على مقاس منظارهم الفكري والسياسي وليس على مقاس من يطلقون عليه الأوصاف.

ما معنى أن نقول للبناني الذي لم يزل يحتفظ بالحد الأدنى من الإقبال على الحياة بأن بلده مقبل على «العرقنة» وقد تشبّعت في ذاكرته وتغلغلت الى عمق بصره مشاهد القتل اليومي والتفجير الهمجي والصراع الخارج عن المنطق الجاري في العراق، علماً أن البارومتر الأمني والسياسي في لبنان يكاد يصل الى المستوى العنفي الذي بلغه في العراق؟ وما معنى أن نقول للعراقي الذي لم يعايش بالطبع 30 عاماً من الحروب، أن ما يشهده هو «اللبننة» بعينها، وأن حروبه مرشحة للتمديد على الطريقة اللبنانية؟ وما معنى أن نستنسخ مانشيتات العرقنة واللبننة ونحدث تبادلاً حربياً وتحدياً مفتوحاً للبلد الذي يتخطى في صراعاته الآخر، فنتبارى بعدد القتلى وحجم التفجيرات وكمية المؤامرات، ثم يأتي من يقول إن أنصار الأمركة هم وراء العرقنة واللبننة، وبأن العولمة تقضي بأن نستعير مآسي شعوبنا وآلامه، لتغدو بعض المصطلحات مخيفة في وقعها أكثر من فعل الحرب بحد نفسه.

قيل لنا إن مصطلح اللبننة كان سباقاً، وإن هذا التعبير أصبح شائعاً بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، إذ لم يجد المحللون تعبيراً أكثر بلاغة من «اللبننة» باعتبارها تفوقت على كل البلدان المصدّرة الحروب، فلا البلقنة، ولا الأفغنة كانتا كافيتين للاستعارة للدلالة على مدى العمق الذي بلغه الصراع في العراق. لذلك، لاقى مصطلح اللبننة لوصف الواقع العراقي شعبية كبيرة رغم أننا كنا نتمنى لو اتخذت اللبننة طابعها الإيجابي بحكم قيمة لبنان الحضارية وليس الحربية.

أما العرقنة، فقد استعرنا هذا التعبير منذ عام 2004 وبدء مسلسل التفجيرات لنرد الجميل الى العراق مقابل ما أخذه من لبننة، ونعم التبادل!

أحد المفكرين السياسيين، فسر الماء بعد الجهد بالماء عندما وصف العرقنة واللبننة بالقول: عرقنة لبنان تعني أن نأخذ أسوأ ما في العراق ولبننة العراق تعني أن نأخذ أسوأ ما في النظام اللبناني.

موقع على الانترنت فتح باب التصويت على السؤال التالي: هل تتوقع عرقنة لبنان؟ نعم ـ لا ـ لست أدري! وقد أصدرت إحدى لجان حقوق الإنسان في دولة عربية بياناً عنوانه «لبننة العراق وعرقنة سورية وسورنة المريخ» لنصل الى قاموس متكامل من المصطلحات المتشابهة في سياقها الدرامي.

وفي القمة العربية الأخيرة، وردت عبارة أمركة القمة العربية على لسان أحد المحللين، مما يعني تشرّبنا حضارة الكاوبوي القائمة على الصراع مع الهنود الحمر. وهذا التحليل يعطينا حق أن ننسب كل مصائبنا الى الأميركيين، لأن العرقنة واللبننة والأفغنة قائمة على الصراع البشري التاريخي على السلطة والنفوذ بدءاً من الكاوبوي، وصولاً الى المتناحرين من كل الألوان والأطياف.

بقي ثمة تمن بأن ننعم ـ نحن الشعوب المنكوبة بالصراعات اللامتناهية ـ بشيء من النروجة (نسبة الى النرويج) أو السويدنة (نسبة الى السويد الدولة ذات الحد الأدنى في الجريمة)، أو إذا أردتم أن تكونوا أقل إنصافاً، فنرضى بالتيبتة على غرار شعب التيبت

"كاتيا دبغي"
* صحافية لبنانية

انظر كيف يحققون الوحدة ؟!


"أنيس منصور"

أوروبا تحتفل في هدوء تام بافتتاح نفق بين سويسرا والمانيا وايطاليا. النفق طوله 35 كيلومتر
وتكلف البلايين وبعد 3 سنوات من العمل الصامت الجاد..

عندنا في مصر ما يضحكنا. فعندما نرصف شارعاً طوله كيلومتر واحد يجيء رئيس الوزراء ليفتتحه وتتعطل الحياة من اجل موكب رئيس الوزراء والوزراء. أما اذا أقمنا جسراً فلا بد ان يفتتحه رئيس الجمهورية. بينما في امريكا لم يحدث ان ذهب رئيس الدولة ليرى بنفسه انطلاق سفينة فضاء وعودتها الى القمر او الى المحطة المدارية ـ عجبي!

ومما يضحكنا على انفسنا في مصر والبلاد العربية انه عند افتتاح جسر أو طريق تنطلق لافتات تقول: من اجل مصر، أو دولة عربية اخرى قد اقمنا الجسر وفتحنا الطريق.. ولم يحدث أن كتب الأمريكان أو الروس أنهم من اجل بلادهم ذهبوا الى القمر ـ عجبي!

والذي حدث في سويسرا نموذج للعمل الإبداعي العاقل: لا طبل ولا زمر ولا هتافات. فليس عندهم وقت لكي يجعلوا من أنفسهم أضحوكة الشعوب.. وانما هم قاموا بالواجب. والواجب عند الشعوب الأوروبية يرقى إلى درجة القداسة. فالواجب مقدس. وأداؤه فريضة. ولا مناقشة لما هو واجب فهو واجب الطاعة والنفاذ وفي صمت. ولا يتوقع أحد قد أدى الواجب أن يتلقى شكراً من أحد. ونحن نكذب على أنفسنا عندما نقول: لا شكر على واجب. وهذا ينطبق عليهم وليس علينا. فنحن إذا أدينا الواجب ننتظر المكافأة وعظيم الامتنان. مع أن الذي قمنا به هو الطبيعي الذي يؤديه الاوروبي دون تفكير. فالواجب عندهم في قوة الغريزة وبداهة المعادلات الحسابية!

انظر كيف يحققون الوحدة والإلفة بينهم. هذا النفق بين سويسرا ودول أوروبا
..
(خدمة الشرق الأوسط)

كيف .. وكيف.. ثم كيف؟


قبل ثلاث سنوات، كنت استعد لركوب طائرة في مطار لوغان في بوسطن وذهبت لشراء بعض المجلات للاطلاع عليها خلال الرحلة. وعند اقترابي من البائع لدفع الثمن، وصلت امرأة من اتجاه آخر ووقفت خلفي، كما تصورت، ولكن عندما قدمت المبلغ لدفع ثمن المجلات صاحت المرأة «اذا سمحت، كنت هنا أولا»، ونظرت الى نظرة حادة تقول «اعرف من انت». وقلت لها أنا اسف للغاية، ولكني وصلت قبلها.

وإذا ما حدث ذلك اليوم، لكان رد فعلي مختلفا للغاية. ولكنت قلت لها «آنسة، انا اسف. انا مخطئ. رجاء تفضلي. وهل يمكنني دفع ثمن مجلاتك ؟ هل يمكنني دفع ثمن طعامك؟ هل يمكنني تلميع حذائك؟»

لماذا؟ لأنني اعتقد باحتمال وجود مدونة او جهاز تصوير في هاتفها الجوال ويمكنها، إذا ما رغبت، إبلاغ العالم كله بما حدث، من وجهة نظرها بالكامل، وسلوكي الفظ والممل والمغرور.

وعندما تصبح لكل شخص مدونة، او صفحة على موقع «ماي سبيس» او «فيسبوك»، يصبح الجميع ناشرين. وعندما يصبح لكل شخص هاتف جوال مع كاميرا، يصبح كل شخص مصورا فوتوغرافيا. وعندما يصبح لكل شخص تحميل فيديو في موقع «يو تيوب»، يصبح الجميع صانعي افلام. وعندما يصبح الجميع ناشرين ومصورين وصانعي افلام، يصبح أي شخص آخر شخصية عامة، لقد اصبحنا شخصيات عامة الان. وقد جعلت المدونات المناقشات الكونية أكثر ثراء بالإضافة الى كوننا أكثر شفافية.

وعواقب كل ذلك هو موضوع كتاب جديد لدوف سيدمان، مؤسس ورئيس مجلس ادارة LRN وهي شركة لأخلاقيات الاعمال. وعنوان كتابه ببساطة هو «كيف» تعيش حياتك، و«كيف» تدير أعمالك أكثر من ذي قبل، لان العديد من الناس يمكنهم الآن رؤية ما تفعله ويبلغون اكبر عدد من الناس بخصوصه. ولتحقيق المكسب الآن، عليك تحويل الاوضاع الجديدة لصالحك.

ويقول سيدمان، بالنسبة للشباب، يعني ذلك فهم ان سمعتك في الحياة ستتحدد في وقت مبكر للغاية. فمزيد مما ستقوله او تفعله او تكتبه سيتحول الى بصمة رقمية لن تزال على الاطلاق. ان جيلنا مارس الغش ولم يظهر أي من ذلك في اول ملخص للخبرة والتعليم، التي كان علينا كتابتها. وبالنسبة لهذا الجيل، فإن معظم ما يقولونه او يفعلونه او يكتبون عنه، سيصبح على الانترنت للأبد. وقبل ان تطلع الشركات على هذه الملخصات ستسأل عنها في موقع «غوغل».

ويشير سيدمان في كتابه الى «ان تثبيت الذاكرة في شكل الكتروني يجعل الفرصة الثانية صعبة. ففي عصر المعلومات، ليس للحياة فصول او اسرار، لا يمكنك ترك شيء خلفك، وليس لديك أي مكان تخفي فيه اسرارك. ماضيك هو حاضرك» ولذا فإن الوسيلة الوحيدة لتحقيق التقدم في الحياة هو عن طريق نيل حقك في «كيف».

ان الشركات التي تخطئ في «الكيف» لن تتمكن من استخدام شركة علاقات عامة لتحسين السمعة بمجرد دعوة صحافيين للغداء ـ ولا سيما عندما يصبح كل فرد مراسلا ويمكنه الرد ويسمع عالميا.

ولكن ذلك يخلق ايضا عدة فرص. فاليوم اصبح «ما» تفعله ينسخ ويباع من قبل الجميع. ولكن «كيف» تتعامل مع زبائنك، و«كيف» تلتزم بتعهداتك، و«كيف» تتعاون مع شركاء ـ فلم يعد سهلا نسخه، وهو الامر الذي يسمح للشركات بتمييز نفسها.

وعندما يتعلق الامر بالسلوك الانساني هناك تنوعات هائلة، «وإذا ما وجد منظور كبير للتنوع، توجد الفرص» كما كتب سيدمان. ويوضح سيدمان «ان نسيج السلوك الانساني متنوع للغاية، وهو غني وعالمي الى درجة انه يقدم فرصة نادرة، الفرصة للتفوق على المنافسين».

كيف تتفوق على منافسك؟ يوضح سيدمان «في ميشيغان علّم مستشفى الاطباء الاعتذار عندما يخطئون، وبالتالي انخفضت مطالبات التعويض. وفي تكساس سمحت وكالة سيارات كبيرة لجميع الميكانيكيين بإنفاق أي مبلغ يرونه ضروريا لتحسين العمل، وادى ذلك الى انخفاض النفقات بينما تحسن رضا الزبائن. وفي شارع بنيويورك وثق بائع فطائر «دونَت» علاقته بزبائنه بإجراء التغييرات التي يريدونها ووجد انه يمكنه خدمة المزيد من الناس بطريقة اسرع وتحسين الولاء بحيث يدفعهم للعودة مرة اخرى.

ويقول في كتابه «نحن لا نعيش في بيوت زجاجية (لها حوائط)، نعيش على شرائح مايكروسكوب .. . مرئية ومكشوفة للجميع» وسواء كنت تبيع سيارات او صحفا (او تشتري صحيفة)، اجعل «كيف» صحيحة، كيف تدعم الثقة، وكيف تتعاون، وكيف تقود وكيف تقول آسف. مزيد من الناس سيعرفون عن ذلك عندما تفعله، او لا تفعله

"توماس فريدمان"

* نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية

دعوة لتطبيع العلاقات


عائض القرني


أدعو الأمة إلى تطبيع العلاقة مع كل أحد إلا الشيطان وإسرائيل، نحن بحاجة إلى تطبيع العلاقة بين الحاكم والمحكوم والرئيس والمرؤوس والأستاذ والطالب والأب والابن والزوج والزوجة، نحن نفتقر إلى مصالحة اجتماعية وميثاق شرف أخوي يكون أصلا للتفاهم في ما بيننا؛ لأن في الأمة صراعات فكرية وحزبية ومذهبية وقبيلة وجهوية، حدثت يوم نسيت الأمة رسالتها الربانية العالمية رسالة الإيمان، فالحكام يوجهون اللوم للشعوب في الخروج على الطاعة وإثارة الفتن والشغب، والشعوب ترى أن الحكام أهل استبداد وقتل للحريات ومصادرة للحقوق، والمتدينون طوائف، كل طائفة ترد على الأخرى وتجمع مثالبها وتذكر معايبها، والمثقفون يتراشقون بالتهم بين إسلامي وليبرالي وعلماني وحداثي، والعوام مشغولون بمدح القبيلة وذكر مآثرها ومناقبها وأمجادها، التي ما صنعت طبشورة
...
(خدمة الشرق الأوسط)

حجاب الروح ام البدن؟


الحجاب هو رمز للطهر ورمز للاخلاق الرفيعة التي هي من صميم القرآن الكريم بل هي من الاثار في كل العبادات التي شرعت في الاسلام وللمحجبة التي تلبست هذا اللباس لها في قلوب الناس احترام خاص، لان الحجاب بالنسبة للمرأة يزيدها رفعة ووقارا وحفاظا علي نفسها فلا تجتريء الاعين ان تترصدها وهذا هو الشيء الذي يجب ان نعلمه.
الا يكفي ان تكون المرأة المحجبة بلباسها بل المرأة المحجبة في سلوكها وفي وعيها وفي افعالها المختلفة عن الاخرين فتكون بذلك تحقق الحجاب الذي ذكر الله تعالي في كتابه وان تكون مثالا وقدوة للنساء اللواتي تحجبن او لم يتحجبن.
لا يمكن ان نتحدث عن حجاب المرأة او عن اللباس الشرعي حتي نفهم قاعدة مهمة في الشريعة الاسلامية وهي: انه لا يجوز للمسلم ان يقدم علي العمل حتي يعلم حكم الله فيه عندما نــــعلم حكم الله سبحانه وتعالي عن الموضوع وعن افهامنا لذلك عندما تلـــــبس المرأة حجابها او لباسها الذي فرض الله عز وجل عليها من سابــــع السماوات وانزله في كتاب الله فلو تدبـــــرته تدبرا قرأته بعين قلبها قبل عين رأسها لوجدت ان فيه حكما كثيرا وبليغا يحفظ لها احتراما وهذا تجده عند كثـــــير من الناس.
في اطار ترتيب الاسلام فأن الاسلام حث علي التبرج الزواجي ورفض التبرج الجمعي او الاجتماعي.
فالتبرج الزواجي: هو الذي المطلوب من المرأة للرجل لاستثارة الطرف الاخر للتواصل النفسي والروحي والجنسي.
ولكن رفض التبرج الجمعي والاجتماعي لانه يريد من المرأة ان تظهر في المجتمع كانسان عاق بقيمه الاخلاقية والانسانية والكونية والمرأة العاقلة والمفكرة بارادتها بتفكيرها، بصنعها، بفعلها، بمسؤوليتها وباختبارها وبمشروعها في المجتمع هي المرأة حينما تلبس اللباس الشرعي فانها جميلة بذلك اللباس الذي يستجيب لقيم ثقافتها ويحدد هويتها بل يحدد كيف تري ذلك الجسد وكيف ترسل لغة اللباس الي الطرف الاخر ولابد ان تكون اللغة العقلانية وليس اللغة الغريزية.
لقد اختار الله عز وجل في القرآن الكريم في سورة النساء وسورة النور وسورة الاحزاب للمرأة اللباس وهذا يدل علي تقدير المرأة وهي بلباس التقوي ذلك له ابعاد روحية وهو الذي يجب ان نركز عليه ولا يجب علينا ان نفكر بالجمال الجسدي للمرأة فقط، لان هذا يدل علي نقص في التكوين الثقافي، وللاسف في عالمنا الاسلامي ما زال النظر الي المرأة كجسد ولكــــن لا ننظر اليها كفاعل كنصف المجتمع.ا

28/06/2007

"محمد ابراهيم شريف"

Sharyf584@hotmail.com
(خدمة القدس العربي)

التهكم من الحب يغمر العالم




لا معني للكلام عن الحب، سوي انني افكر في اولئك الأطفال وقد قالوا ما قالوه في تعريفه. افكر بهم، خائفة من ضياعه في قلوب الكبار، ومن تحوله الي تحفة للشر كما لو فرغ العالم، الا من البغض. عندما تحب، فان رموش عينيك تبدأ في الصعود والنزول وتخرج نجوم صغار منك كارين (7 سنوات).
جيسيكا (8 سنوات) عرّفت الحب كالآتي: لا يجب ان تقول لشخص ما انك تحبه، الا اذا كنت تعنيها فعلا فعليك ان تقولها له كثيرررا.... لأن الناس يعانون النسيان ويحتاجون الي من يذكرهم . الحب هو ما يجعلك تبتسم حتي وان كنت متعبا للغاية . تيري (4 سنوات). الحب هو عندما تري امي ابي غارقا في عرقه ورائحته وتقول له انه اكثر وسامة من روبرت ردفورد كريس (7 سنوات). الحب هو ان يركض اليك كلبك فرحا ويلعق وجهك رغم انك تركته طوال النهار بمفرده ماري آن (4 سنوات). عندما اصيبت جدتي بالتهاب المفاصل لم تكن تستطيع ان تنحني لتضع الطلاء علي اظافر قدميها، فكان جدي يقوم لها بذلك علي مدي سنوات ولم يتوقف عن طلاء اظافر قدميها حتي بعد ان اصيب هو بالتهاب المفاصل ريبيكا (8 سنوات).
هذا جزء من اجابات بعض الاطفال في مفهومهم عن الحب، بحسب دراسة قامت بها احدي المؤسسات، ومؤثرة بينها اكثر حكاية طفل في الرابعة من عمره رأي جارهم يبكي بحرقة زوجته التي توفيت وتركته وحيدا، فذهب اليه ورقد في حضنه. سألته امه عما قاله او فعله للجار الحزين اجابها: لا شيء.. لقد ساعدته علي البكاء .
بكي معه. ذهب اليه ورقد في حضنه وشاركه البكاء. نبكي مع احدهم احيانا، نبكي مع احد كبير قهره امر اكبر منه فيعنّفنا علي بكائنا. يعنّفنا علي الحب والسؤال. يعنّفنا لان لنا دموعا، ولاننا نحبه ونذرفها لأجله.
الدراسة اعتنت بتعريفات الاطفال الاجانب. ثمة مليون تعريف ومليار فهم للحب عند اطفالنا. من يشقي اكثر يحب اكثر. الحب ـ علي مسؤوليتي ـ عند طفلة فلسطينية هو ان تحضن شقيقها الصغير، احتضانا خانقا يزهق روحه، في رغبة حمايته من صواريخ اسرائيل او قذائف الأخوة المتقاتلين. طفل عراقي يخرج الي شراء الخبز في معمعة التفجير الطائفي الاعمي منتهيا الي اشلاء صغيرة، في التعريف الذي لا يُباري، للحب. الحب يتسلق جدران البيوت اللبنانية المغلقة علي اطفالها، فيزيّنها هؤلاء برسومات عن شمس ذهبية وبحر كبير وازرق.
ما يجمع تعريفات الاطفال ـ الاجانب والعرب ـ بالحب، ليس فضاء البراءة فقط، ولكن علائق ضمنية تحتاج في كل تعريف الي فك وتأويل وتأمل.
الكبار يخافون الحب. قوي وفاضح ويعري، يخافه الكبار فيعنّفون قلوبنا الطفلة لان شريطا ناعما ورقيقا من الدمع سال لأجلهم، ولأنه في انسيابه كشف القلب لكل هواء العالم واثيره وبرده الذي حل كاملا، معطيا خفقة جليدية لكل ما بقي من مشاعر دافئة.
الأرجح ان موجة من التهكم من الحب غمرت العالم. الحب في غير اوانه، الاصح بعد اوانه، لكننا لا نتخطي هنا معادلة القلوب الطفلة، هذه معادلة تخص اصحابها وحدهم. الارجح مرة ثانية، ان الحب تأخر عن الركب لذا يمازجنا قدر من الحسرة حين نري سوانا خلوّا منه، احرارا الي هذا الحد في استبعاده، متفرغين لبعضهم، حسرة لا تعني استنكارا، بل دربا ايضا الي الموت في هم الحب وحيدين.
نتساءل احيانا كيف يدخل الحب ويمكث وينام ويكمن ويصحو في قلوبنا بهذه الوفرة، من دون ان يحدث ضجة، او دموعا علي الاقل، الدموع التي يستكثرونها علينا ويعنفوننا لأجلها. لا أدري لماذا يبدو لي ان هذا حال العالم اليوم، رجالا ونساء ايضا، يتقنون فن التخفي من الحب، او العيش خفيا وخليا منه.
يتحرش بك الحب ـ ان كان قلبك طفلا ـ في كل لحظة، ويلح فلماذا ترتعب؟ لماذا تبتعد وتجفل وتجوس في الصمت وفي المسافة التي تفعلها عن فتنة الوله، كما لو تستعذب دونه، حداد الحياة الطويل. يعلمك الحب ان لا تكون غريبا في اي مكان، وسوف لن تعيبك دمعة، او اجهاش او ارتجافة شوق، انها اشياء الحب، ولزومه، وحيله النبيلة.
مع ذلك، بعضنا كبير جدا، ويحب كالاطفال. تبدو هذه جملة متواضعة، لكنها تشبه فعل الحب، بسيط ومتواضع. الأمر الذي يجعلنا لا ننتبه الا بعد وقت، ومن خلال تعريفات الاطفال وافكارهم عن الحب كما الآن، الي فداحة خسارته وفقدانه، بعد ان نعمنا بسعته، واحشائه الداخلية.
ليس شيئا كثيرا، ان اكتب في كل لحظة، عن الحب، وان بدا خوضي للبعض مما لا يغوي البتة. بعض المثقفين أعني، المتصلبين المنفصلين، اصحاب النظريات والقضايا الوعرة والوحشية. لا يجدون في الرقة مسوغا للقراءة، بل الملل المتعالي عن المشاعر الطرية، التعسف والشراسة والتهيب الخفي، ذلك ان اشكال حاضرهم البائس لا تتوسل ايا من ادوات الانتصار للحياة. يكتبون بغضب ولا تأتي تعليقاتهم علي مديح الحب، دون توتر وانعكاس، جسدي وعصبيا.ا

"عناية جابر"

28/06/2007
(خدمة القدس العربي)

mardi 26 juin 2007

المرايا الكاذبة

...
من يواجه نفسه في المرآة يعرف كل شيء، ومن يحب المرايا المقعرة أو المحدبة، سيرى ما يريد أن يرى، ولكنه، وفي اللحظة التي تزاح فيه المرايا الكاذبة عن وجهه، سيفاجأ بملامحه الحقيقية ولن يُبْصِرَ خلف ظهره مناظر الحقول الخضراء المزوَّرة التي كانت توضع للتزيين خلفه، بل سيرى الدخان والخراب، الذي انشغل عن إخماده، بمحيا وجهه المزور في مرآة الكذب، فمن يريد أن يرى حقاً؟


"مشاري الذايدي"

* نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية

lundi 25 juin 2007

! مخاطر تسوية نزاع الصحراء أسوأ من مخاطر استمراره

على رغم شيء من التفاؤل ومحادثات جديدة بدأت في 18 حزيران (يونيو)، فإن النزاع في الصحراء الغربية - بأثمانه الباهظة والمستمرة لجميع الفرقاء - لن يتم حله دون تغير جوهري في توجه مجلس الأمن الدولي تجاهه.

بالنسبة لمعظم الاطراف الفاعلة على الساحة، وهي المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو وكذلك دول غربية معينة، يمكن أن تتعرض لمخاطر جراء أي تسوية قد تتم لهذا النزاع، فقد رأت أن هذا المأزق قابل للتحمل. ونتيجة لذلك، أصبح نزاع الصحراء الغربية أحد النزاعات «المجمدة» والذي يسترعي القليل جدا من الانتباه نحوه أو الارتباط به. وعلى ما يبدو فان تكاليف النزاع التقديرية أقل بدرجة كبيرة جداً من تكاليف حل قد يكون مؤذياً وغير مرغوب به بالنسبة لهذا الطرف أو ذاك. ثمن هذا النزاع باهظ من النواحي الإنسانية والسياسية والاقتصادية نتيجة الطريق المسدود الذي وصل إليه. بالنسبة الى السكان أصحاب الشأن فإن الأثمان تراوحت بدرجات مختلفة بين النزوح والنفي والعزلة والفقر، والحرمان من الحرية السياسية. وبالنسبة للبلدان، كانت هنالك أثمان مختلفة ما بين مالية وديبلوماسية، وتنمية وطنية متباطئة، وتوترات أمنية على الحدود.

بالنسبة للمغرب، فقد تكون للتسوية عواقب وخيمة وخطيرة جدا على الصعيد المحلي بما أن عمل النظام على تحويل المسألة بحيث أصبحت قضية نفوذ قوى ووسيلة من وسائل منع التهديد الموجه إلى نفوذه من قبل أحزاب سياسية معينة ومن قبل الجيش. ومن الممكن أن تعمل التسوية غير المرغوب بها بالنسبة لجبهة البوليساريو على إصابة الجبهة بجرح قاتل بصفتها منظمة سياسية وأن يتم إجبارها على قبول تسوية مذلة مع كبار الشخصيات الصحراوية من الذين قاموا بعقد السلام بينهم وبين المغرب منذ مدة طويلة. كما قد تعني مثل تلك التسوية أن اللاجئين الصحراويين القاطنين في مخيمات مدينة تندوف الجزائرية قد أمضوا مدة 30 عاما في تلك المخيمات مقابل لا شيء، فقد كتب عليهم أن يتحملوا ويصبروا على هذا المنفى وعلى العزلة والفقر وهم يشعرون وبشكل متزايد بأنه جرى التخلي عنهم من قبل المجتمع الدولي. وبالنسبة للجزائر، فقد يترتب على مثل تلك التسوية خسارة لنفوذها وقوتها في ما يخص علاقاتها مع المغرب وهزيمة للموقف الذي دافعت عنه لمدة تزيد عن ثلاثة عقود.

ومن هنا، فإن هذه الحسابات تجاهلت الثمن الباهظ جدا الذي يقوم جميع الأطراف بدفعه سواء أكانوا دولا أم قبل كل شيء أفرادا.

فعلى المغاربة ككل أن يتحملوا تكاليف باهظة. فهناك المئات من الجنود المغاربة الذين كانوا قد وقعوا في الأسر وتعرضوا للتعذيب على يد جبهة البوليساريو، وقد أمضى معظمهم فترات طويلة في السجون. وكذلك كان على المغاربة أن يتحملوا تكاليف مالية فادحة (موازنة عسكرية، استثمارات في «المقاطعات الصحراوية»، مهل ضريبية ورواتب مرتفعة للموظفين الحكوميين) حيث عملت تلك التكاليف الباهظة على إعاقة التنمية الوطنية، وهو وضع جد خطير إلى ابعد الحدود، حيث أن الفقر في الأحياء المزدحمة بالسكان عمل على استحداث زخم وقوة دافعة للحركة الإسلامية «السلفية».

أما الصحراويون الذين يعيشون تحت سلطة ذات تركيبة سياسية تم إقصاؤها وطردها (جبهة البوليساريو) فهي بالكاد تكون ديموقراطية ويشتبه بقيام زعمائها بإثراء أنفسهم من خلال اختلاس المساعدات والمعونات التي يتم تقديمها إليها. أما الصحراويون الذين يعيشون في الأراضي التي يسيطر عليها المغرب بنسبة تبلغ 85 في المئة فيتمتعون بظروف مادية أفضل والفضل في ذلك يعود بشكل خاص إلى الاستثمارات المهمة التي تمت من قبل المغرب. ومع ذلك، سيكون من المستحيل تقريبا بالنسبة إليهم أن يعبروا عن آرائهم بصراحة، خصوصاً اذا لم تكن هذه الآراء مؤيدة للمغرب، أو اذا طالبت بالاستقلال. ونتيجة المزايا والمنافع الجمة التي تقوم الرباط بمنحها فقد قامت بجذب السكان بدءا من شمال المغرب ولغاية الصحراء الغربية إلى درجة أن الصحراويين سوف يصبحون في وقت قريب جداً بمثابة الأقلية في تلك المنطقة، وهو الذي أعطاهم إحساساً قوياً بأنه سوف يتم إخراجهم من بلادهم.

وبالنسبة الى الجزائر، يجب أن لا يتم فقط قياس التكاليف المالية (بدءا من المساعدات التي تقدم إلى اللاجئين ولغاية التبرع بالمعدات والأجهزة العسكرية إلى جبهة البوليساريو) والتكاليف الديبلوماسية (حيث يكون تنفيذ هذا الالتزام في بعض الأحيان على حساب مصالح أخرى)، بل يجب أيضا أن يتم قياس التكاليف من ناحية الوجود الدائم والمستمر لمصدر توتر رئيسي على حدودها الغربية. وقد قامت موريتانيا بدفع الثمن بالنسبة الى النزاع الصحراوي بحدوث الانقلاب في العام 1978 والذي كان يبشر على امتداد فترة طويلة بالتقلب وعدم الاستقرار وعلى أن المسألة سوف تبقى مصدرا كامنا من مصادر عدم الاستقرار بالنسبة الى نواكشوط.

كما كانت أيضاً التكلفة الكلية لهذا النزاع تكلفة عالية جداً بالنسبة الى المنطقة ككل، فقد عمل على عرقلة قيام تطور «الاتحاد المغاربي العربي» بحيث ادى الى تأجيل وتأخير الاندماج والتكامل الاقتصادي وانخفاض الاستثمارات الأجنبية وتحقيق معدلات نمو أكثر بطئا. وربما يتمثل الشيء الذي قد يشكل أكثر خطورة في هذا الصدد في حقيقة تحول المنطقة الخاضعة لحكم سيئ والتي تغطي الصحراء الغربية وشمال موريتانيا وجنوب غربي الجزائر بحيث أصبحت منطقة تهريب (للمخدرات وللأفراد ولأشكال عديدة من تهريب السلع المحظورة) والتي تفتقر وتعاني من نقص في مجال التعاون الأمني. وختاما، وبفعل هذا النزاع، تم تشويه سمعة الأمم المتحدة وإضعاف الثقة بها تماما جراء موقفها من هذا النزاع، في حين كان على المجتمع الدولي أن يدفع مبالغ طائلة يتم إنفاقها على قوة مراقبة دولية وعلى معونات اقتصادية يتم تقديمها لهذه المنطقة.

لقد فشل الجمع بين اقتراح المغرب الذي قدمه أخيراً تحت عنوان «إقليم الصحراء ذاتي الحكم» والاقتراح الذي قدمته جبهة البوليساريو لنيل الاستقلال مع ضمانات لمصالح المغرب وقرار مجلس الأمن بتاريخ 30 نيسان الماضي الذي دعا إلى إجراء مفاوضات بين الفرقاء. ومع ذلك، فإن الديناميكية وراء النزاع لم تتغير، وما زالت المواقف الرسمية لكل من المغرب وجبهة البوليساريو بعيدة عن بعضها بعضاً.

لسوء الحظ كانت الأمم المتحدة جزءاً من المشكلة. فقد أصرت على التعامل مع النزاع كحالة من حالات إنهاء الاستعمار، والتي تعطي شعب الصحراء الحق في تقرير المصير، ولكنها في الوقت ذاته لم تُصر على الاستفتاء الضروري، وبالتالي سمحت للمغرب بممارسة صحيحة لهذا الحق. إن أمام مجلس الأمن خيارين اثنين. يتوجب عليه أن يُنفذ بشكل كامل المسؤولية التي أخذها على نفسه لضمان حق تقرير المصير لسكان الصحراء الغربية، أو أن يقبل بأنه لا يستطيع عمل ذلك ومن ثم تشجيع المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر على حل الأمور المعلقة بينهم على الأسس التي يستطيعون الاستناد إليها.

يجب أن لا يواصل مجلس الأمن التشويش في هذه القضية. إما أن يجد مجلس الأمن الإرادة السياسية لإقناع المغرب بالموافقة على إجراء استفتاءٍ يتضمن حق اختيار الاستقلال، أو يجب عليه أن يسمح للفرقاء الرئيسيين الثلاثة بالتفاوض حول بنود التسوية في ما بينهم، ومن دون النيل من النتائج بأي شكل من الأشكال.

"روبرت مالي"

مدير برنامج «مجموعة الأزمات» للشرق الأوسط وشمال أفريقيا - بروكسيل
عن جريدة الحياة) - 20/06/07)
....
كنت من أكثر المتفائلين بأن اللبنانيين الذين يتنفسون شعر «جبران»، ويسبحون في نهر «فيروز»، ويشدون خيام قلوبهم بغصون الياسمين، لا يمكن أن يكونوا إلا دعاة حياة، وأن المسافات مهما تناءت بينهم ليست سوى وهم، وأن «جريرهم» مهما تراشق مع «فرزدقهم» سيبقى لبنان المبتدأ والقافية، ففداحة حرب الأمس في الذاكرة ظننتها لن تتناسل اليوم أشباحا تسرق فرح الصباحات، وكتبت ذات مقال بأن «السواعد التي اعتادت أن تسقي زهور التفاح، لن تألف قطف ثمار الأرواح»، ولكنها الحقيقة المرة التي تجرعها موسى بالأمس يتجرعها معه كل المحبين للبنان، وها أنا اللحظة أحرك مؤشر التلفاز بين القنوات الفضائية اللبنانية، فتقتات تلك القنوات من تفاؤلي، وأشعر أن ثمة من قرر هذه المرة ذبح طائر «الفينيق»، والمضي بسكين الجنون إلى أقصى تخوم الوريد.. وكأني بـ«العطار» عمرو موسى يقول لنا من جديد: «فلنستودع الله لبنان»ا

"محمد صادق دياب"

(عن جريدة الشرق الأوسط)

dimanche 24 juin 2007

! ماتت الحضارة



"أنيس منصور"

سؤال من إذاعة عربية: هل يمكن أن تقول: إن الحضارة العربية ماتت!؟

جواب: لا أقول ماتت، ولكنها مرضت.. أو ظهرت عليها أعراض المرض، ولكن لا حضارة تموت لأن الحضارة هي جهود متضافرة كثيرة طويلة عميقة للإنسانية.. وما دام هناك بشر. فهناك عمل، وما دام عمل: فهناك أمل، والحضارة عمل اليوم وأمل الغد..

سؤال: اذاً لماذا تتحدث كثيراً عن الموت؟

جواب: أنا لا أتحدث عن موتي وإنما عن الموت عموماً.. وطبيعي أن أفعل ذلك فنحن مهددون في حياتنا وفي حاضرنا ومستقبلنا.. فالحروب لم تجف دماؤها والأسلحة تتكدس في كل اتجاه والدول العظمى تتربص والدول الكبرى تبيع السلاح.. أي تبيع أحدث أساليب الدمار.. وانتشار المهدئات والمخدرات معناه: أننا نريد أن نهرب من الواقع الى الخيال والهلوسة والنوم والمرض والموت.. وإذا كنت أتحدث عن الموت فمن الذي يجرؤ ألا يفعل.. إن الموت هو الحقيقة الوحيدة المؤكدة في حياتنا.. فنحن ولدنا فقراء أو أغنياء.. لكي نموت!! اننا في عصر لم تعد فيه البديهيات الرياضية مؤكدة.. فليس صحيحاً أن 2+2= 4.. أنا عندي عشرون دليلا على أنها لا تساوي ذلك في أماكن كثيرة في الأرض وفي الكون..

سؤال: أين واجب الكاتب والشاعر ورجل الدين والمصلح الاجتماعي.. إنهم يجب أن يملأوا قلوب الناس بالأمل وأن يعدوهم بجنة تجري من تحتها الأنهار.. الله سبحانه وتعالى فعل ذلك..

جواب: ولكن الله سبحانه وتعالى توعد بالنار أيضاً.. ووصف عذابها وويلاتها..

وحتى الكاتب إذا وعد بالأمل، يجب أن يكون هذا الوعد في مواجهة اليأس وفي مواجهة الموت..

ولكن إذا أسرف الناس في التفاؤل وفي الاستخفاف وفي الاستغراق في متع الحياة ورغباتهم المحدودة، يجب ان يقال لهم: إلى أين؟ وأن يضربهم أحد على رؤوسهم لكي يفيقوا..

سؤال: متفائل؟

قلت: أحياناً..

سؤال: متشائم؟

!!قلت: أكثر!!!!

بالروح، بالدم


"سمير عطا الله"

نحن نشتم «الفوضى الخلاقة» في العلن ونمارسها في الخفاء. ونهاجم سياسة أميركا ونقدم لها الهدايا
وقد اتهمنا محمد دحلان بأنه ينفذ مخططا أميركيا في غزة ولست أدري أي مخطط قومي تحريري إنقاذي مارسته في غزة حركة حماس. ونحن نقول منذ أيام الاستعمار البريطاني أنه يمارس علينا سياسة «فرق تسد» ولم يفرقنا استعمار ولا عدو كما فرقنا أنفسنا. ونحن أكثر مجموعة تحدثت عن الوحدة في العالم وأكثر من صومل (من صومال) الأرض والمياه والأجواء. وما نفعله إما جهل كامل أو كذب مطلق أو خبث رديء. نكذب ونحن نأكل وننافق ونحن نشرب ونتقاتل ونحن نحكي وندعو الى الحوار ونحن نتشاتم ونتكاره ونتحاقد وننصب المكائد.

نحن قوم لا قيمة لكلامنا ولا أهمية لعهودنا ولا صدق لوعودنا ولا حرمة حتى لقسمنا. من أجل الخراب نبرر كل شيء ومن أجل الدمار نفعل كل شيء ونحن الأمة الوحيدة التي يتفجر أطفالها وهي تنفخ النراجيل وتردد أنشودتها التاريخية «بالروح بالدم». ونحن لا روح ولا دم. نقتل كل يوم ألف إنسان ونشرد ألفا ونعذب ألفا ثم ننام.

نصف شعوبنا ينام على الأرصفة ويتشرد فقيرا في ديار الأمم ويتدرب على قتل أهله وشعبه وعشيرته، ونحن نحمل النرجيلة في يد والعلم في يد ونهتف «بالروح بالدم». وهو مشهد عبثي ممل لا وجود له في أي مكان آخر من الأرض. الصينيون يحصدون الصناعة والهنود يحصدون العلم وفقراء سنغافورة يتقدمون لائحة الأثرياء ونحن في الشوارع، جثث تتناثر أو جثث تتقاتل أو جثث تهتف بالروح بالدم.

صومال في كل مكان. وتناسل في كل مكان. نولد الفقراء وهتافي «بالروح بالدم» ونستولد من كل دولة دولتين وحكومتين ودستورين. كنا نخاف «البلقنة» و«اللبننة» فدخلنا «الصوملة» و«الفلسطنة» و«العرقنة». وكنا نشكو من قلة الاندفاع نحو الوحدة القومية فأصبحنا غير قادرين على لملمة شظايا الوحدات الوطنية.

وكنا نبحث عن علاقات حسن الجوار فأصبحنا نتوسل علاقات سترة الجوار. وكنا منقسمين حول أميركا وروسيا فأصبحنا منقسمين حول الصومال الإيطالي وحكومة ارض الصومال. وكنا نحكي في الليل ونمحو في النهار فأصبحنا نحكي ونمحو معا من أن نضيع الوقت في انتظار موعد المحو. ومأساتنا الحقيقية أننا قوم لا نحترم أنفسنا ولا نحترم عهودنا ولا نحترم حتى قسمنا. نحن ماهرون في أمر واحد: تفتيت الأوطان وتبديد الأمة ونشر ثقافة الأكفان. وبالروح بالدم.

(جريدة الشرق الأوسط)

إله الحب والجمال والانسان







يسألني كثير من الشباب المنفتح علي الحياة: ألا تسبب لك كتاباتك كثيرا من المتاعب، خصوصا من قبل الذين استقالوا من الحياة استقالة جماعية وجلسوا في ثلاجة الحزب؟

أقول لهم: الطعنات هي الوجه الآخر للقبلات، والحجارة التي تلقي عليك اليوم ستتحول غدا إلى حمائم تبحث عن الحب والسلام. أنا مؤمن بمقول رجل السلام في العالم المهاتما غاندي عندما قال :الحب اكبرقوة في العالم ومع ذلك فهو اكثر تواضعا. إننا نبحث عن الحب المتواضع. يقول جون دريدا (كل شيء من أجل الحب وإلا سوف ينهار العالم). عندما تتكلم في الممنوعات وتضع يدك في عش الدبابير يجب أن تتحمل ألم الجراح. الكتابة هي لعبة مع الموت وصراع محتدم مع قروش الفكر وحيتان الثقافة. رهاننا في العالم العربي علي حوريات البحر وليس على اسماك القرش، علي مصافحة الياسمين وليسقد تجد كلماتك مصلوبة علي أعواد التخلف، لكن ذلك يجب أن يزيدك إيمانا بأهمية المعركة، وضرورة السباحة ضد تيار التخلف. وهناك من سيسعي الي كسر المجاديف وعلي انهيار وخرق (تيتنك) الخاصة في البحر،لكن ذلك يجعلنا نزداد قوة وصلابة وصموداً. لابد من الاصرار علي إيجاد ثقب في جدار برلين العربي كي تتومواقفنا الحجرية في العالم العربي ستخشب أحاسيس الشباب، ستجعلهم يخشون الاسلام (لاناس بغضوا الله إلى عباده) بسبب تعصبهم كمايقول الرسول. وهم موجودون عند كل الطوائف. لهذا، انا دائما ما ادعو إلى التلاقح بدلا من التناطح، بلغة قطنية تمسح الجرح بدلا من أن توسعه. الظلم موجود في كل مكان وحله لايكون بالعنف، بل بالحوار.مهماكانت قسوة الظروف، العنف ليس مبررا ولنا في غاندي خير مثال. أقول للشباب حذار من التقديس الاعمي لاي إنسان علي وجه الارض، ولتستفت عقلك في تحليل الواقع علي قاعدة (استفت عقلك وان لم تجد فاستفت عقلك) لاتضع جبة الشيخ حائلا بينك وبين الله، لاتضع الحزب يقودك إلي العمي الايديولوجي فتقع في بئرالسياسة الأجن. الآف من الدكاكين المؤدلجة التجارية تفتح علي جثث شبابنا لاجل مصالح دول ونرجسيات قادة وعصبيات قبائل وقواد طوائف ثم لايحصد هؤلاء الفقراء إلا الدمع والقبر. خطاباتنا اصبحت كحبة البطيخ خضراء من الخارج وحمراء من الداخل. ابتسامات في المؤتمرات سرعان ماتتحول علي الارض الى ميلشيات بلا عقل وبلاروح وبلا انسانية. مجموعة بهاليل سلاح، ومجانين موت يقودون الطوائف والاديان للاقتتال بحجة الخلاص الدنيوي والاممية، ونظريات البراء والتولي ،والتفسير الخطأ للحاكمية وتحت مفاهيم مبتسرة ومقطوعة من سياقها من مفهوم، الى متى هذا الهذيان؟ الحروب لا يمارسها الا الجهلة والذين يستغلون جهل الجاهلين كمايقول المفكر جودت سعيد. ليس صحيحا مانروجه ونغسل به عقول ابنائنا عن ان الحضارة الغربية عبارة عن كتلة ضلال. ابدا ان فيها الاشعاع الحضاري الكبير وصندوق قمامة في طرف القصر لا يلغي جمالية القصر وفخامته وجمال حديقته. عندماذهبت الي سويسرا في مؤتمر، ألقيت كلمة وانا منفعل عندما لاحظت اناقة البلاد وعمق تنظيم الادارة وانسانية الناس وحرية الفكر قلت لهم) وانا اسير في شوارع زيورخ واتنشق عبق الحرية وجمالية الله في الطبيعة والكون، وجمالية الانسان في التنظيم قلت في نفسي: اهذا هو ضلالكم الذي يتحدثون عنه؟ إياخطباءنا الافاضل، الادارة الحديثة ليست ضلالا، تنسيق الطرقات والمباني كحلة قشيبة ليس ضلالا، احترام الانسان والقانون وبناء دولة حديثة ليس ضلالا. الضلال أن أفخخ شبابا في عمر الزهور ليذبحوا الوطن علي صدر الايديولوجيا، أن يطلقوا رصاصة على زهرة تطل من الوادي بحثا عن قطرة ماء، أن يزرعوا انها امم متمدنة مازلنا نعيش علي معوناتها ونشتمها كل يوم. يقول الشاعر: كم مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس احياء. من يستطيع ان يقول إن انشتاين او اديسون او شكسبير اموات؟ الرسول (صلي الله عليه وسلم) علمنا احترام الشعوب، وحب المجتمعات الاخرى وكم كان عظيما عندما امتدح النجاشي وهو مسيحي. كان يرفض الشوفينية والتعصب ولغة السكين. إن أي حزب يدعو للذبح والقتل والتشفي من الابرياء كماحدث في اعصار كاترينا او التشفي بالامم والاطفال والشعوب والطوائف هو حزب ضد الاسلام وضد كل دين. إنه دين الاحزاب، والبرغماتية السياسية وليس دين المحبة. إن الله هو إله الحب والجمال والإنسان. *نقلا عن صحيفة "الراية" القطرية.



(خدمة العربية نت)
كل من في الدهر يشكو دهره

.!ليت عمري، هذه الدنيا،لمن؟

samedi 23 juin 2007

حرائق مستعرة.. ولكن لا تشغلنكم عما هو أخطر



"زين العابدين الركابي"




لأهل لبنان معاذيرهم، إذا هم لم يكترثوا بمآسي العراقيين. وللفلسطينيين وللعراقيين معاذيرهم إذا ذهلوا عما يجري بين الفلسطينيين من اقتتال وصراع دام.. وللفلسطينيين معاذيرهم إذا لم يسمعوا أنين اللبنانيين والعراقيين.
لماذا يعذر هؤلاء جميعاً؟ لأن لدى كل طرف من هذه الأطراف من الأحزان والهموم والغموم: ما يمتص آخر دمعة، وآخر ذرة أسى فيهم، فهم مغموسون في أحزانهم، مشغولون بها عن أحزان غيرهم.
وهذا مطلب أو هدف كبير من أهداف الذين لا يريدون لأمتنا خيرا ولا تقدما ولا تماسكا ولا (توجعا مشتركا)!، أي أن المطلوب ليس تقويض (الوحدات الوطنية)، ولا ضرب التماسك القومي العام أو النسبي، بل المطلوب: نسف (الوحدة الشعورية) حتى يحرم الأخ من مجرد الاحساس الجبلي أو الإنساني: بآلام أخيه!.
هذه كارثة بالمعنى الوطني والأخلاقي والإنساني والحضاري: كارثة أن يفقد الإنسان (غريزة التضامن) التي يتمتع بها النمل: «قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون».. ويتمتع بها الغربان: «فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي».
ذاك التشابه في (الغيبوبة الشعورية): له مثيل في الواقع يمكن تقديم نماذج ثلاثة منه:
1 ـ نموذج (التفتت الوطني).. ففي فلسطين اليوم: حكومتان: ليست حكومة إسرائيلية وأخرى فلسطينية، بل حكومتان فلسطينيتان بزعامتين متصارعتين.. وهذه أفظع صورة من صور التفتت الوطني، فوجود حكومتين من هذا النوع: يمزق الشعب الفلسطيني شر ممزق.. وفي العراق حكومة وطنية (شكلية) هي غطاء لحكومات متعددة عرقية وطائفية وجغرافية.. وفي لبنان تلويح بوجود أكثر من حكومة، في حالة تعذر حل وطني للأزمة المستحكمة.. كما أن هناك تلويحا بتقسيمات أشد وأخطر.
2 ـ نموذج (فشل الحل الديمقراطي).. ففي لبنان ديمقراطية.. وفي الأرض الفلسطينية المحتلة ديمقراطية.. وفي العراق ديمقراطية.. وكلها ديمقراطيات (ذات أحزاب)، بيد أنها ديمقراطيات فشلت في حل الأزمات وعلاج المشكلات السياسية والوطنية.. وهذا دليل سياسي عملي حاسم على أن الديمقراطية وحدها ليست (ضمانا كافيا) لـ (الوحدة الوطنية) و(الاستقرار الاجتماعي) و(المصالح العليا)... ليست ضمانا كافيا لذلك كله: من الهدر والانتهاك والاغتيال والتقويض والنسف.. يضاف الى ذلك: ان (الاعلام الديمقراطي) في تلك المناطق كان وبالا على الوحدات الوطنية. فقد ثبت أن الاعلام في العراق ولبنان والأرض الفلسطينية المحتلة: اصبح (أداة رهيبة) للتمزيق والتحريض المتبادل والتهييج المذهبي والطائفي والحزبي.. ولقد أدى ذلك الى ضرب الوحدة الوطنية، واماتة الشعور بالصالح العام أو المصلحة العليا.
3 ـ نموذج (فقدان العقل).. ففي لبنان: يستحيل ـ عقلا وواقعا ـ: أن يلغي طرف ما: وجود طرف آخر. وهذه الاستحالة توجب ـ بالاضطرار العقلي والغرائزي ـ (التعايش المشترك) ولو على قاعدة (تحمل أخف الأضرار في سبيل دفع أثقلها وأعمها).. ولما كان فقدان العقل يقود ـ دوما ـ الى الأزمات لا الى الحلول، فيمكن تكييف الوضع في لبنان بأنه نتيجة للغيبوبة العقلية في المقام الأول.
وفي العراق: تأخر العقل على حين تقدم الهياج المذهبي والطائفي والعرقي. وكانت النتيجة: خسران الجميع على الرغم مما يبدو للناس: ان فريقا سجل نقطا ضد فريق آخر. فهذه حسابات طائفية لا عقلانية.. فالحساب العقلاني يتمثل ـ ها هنا ـ: في الوحدة الوطنية الجامعة التي توفر الأمن العام للجميع، وهو أمن لا بد منه كمناخ ضروري لتحقيق المصالح الاقتصادية، وتوفير الخدمات العامة، وترسيخ الاستقرار الاجتماعي على المدى: القريب والبعيد.
وفي الأرض الفلسطينية المحتلة: طار العقل، وساد الجنون. فما يجري (جنون) ـ حقيقي لا مجازي ـ لأنه اقتتال على (شيء غير موجود)!. فالأرض التي يتقاتلون فوقها ومن اجلها هي نفسها (ارض محتلة) لا يزعم طرف انه يملك التصرف فيها بحرية.. ولأنه اقتتال أدى الى (العودة المضادة)!!.. بمعنى ان الذين عادوا الى الارض المحتلة منذ سنوات: يعودون الى الخارج من جديد: هربا من القتال والدمار!.. وبمنطق العقل: ألا يضعف هذا السلوك الفلسطيني ـ المتسبب في الهجرة الى الخارج ـ ألا يضعف (حق العودة) الذي كفله القانون الدولي للفلسطينيين؟ ثم هو اقتتال يحقق لاسرائيل ما لم تكن تحلم به: يحقق لها هدف قتل الفلسطينيين، ولكن بيد فلسطينية.. ويحقق لها هدف الترويج لفكرة: ان الفلسطينيين ليسوا اهلا لوطن ولا دولة!
لقد كثفنا الضوء على (المسؤولية الذاتية) عما يجري، لأن المنهج يقضي بالبدء بـ (نقد الذات):
أ ـ «أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند انفسكم».
ب ـ «وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم».
على ان نقد الذات لا يعني ـ قط ـ اطراح او اهمال (العوامل الخارجية).. وهذا تدخل فكري شائك ينبغي ضبطه بالقاعدة العلمية التي تقول: «ان كل قوة لا يمكن ان تؤدي عملها او تفعل فعلها إلا اذا وجدت جهازا قابلا».
في ضوء ذلك نقول: إنه لن يصح تفسير ما يجري في لبنان والارض الفلسطينية المحتلة والعراق: باستبعاد (العوامل او الايدي الخارجية).
أولا: لأن قوى خارجية تجهر بالتدخل في الشؤون الفلسطينية (نصرة طرف على طرف آخر).. وفي الشؤون اللبنانية (نصرة طرف على طرف آخر ايضا).. وفي الشؤون العراقية (الاحتلال والوصاية الكاملة تقريبا على كل شأن).
ثانيا: لأن مسلسل الأحداث، وسيناريوهات الوقائع ترهص بما هو اوخم واخطر مما يجري في المواقع الثلاثة المتفجرة.
إن الاقليم يستعر بالحرائق الكبيرة (ذات الألسنة الممتدة الى خارج اتونها). وهي حرائق وقودها الحقد والعمى وسوء الحساب، وسوء السياسة والخلق.. حرائق ضحاياها: البشر، والامن والاستقرار والتقدم والعمران.
والحرائق: علاجها (الإطفاء)، بيد ان (العكس) هو الذي يحدث ـ وبانتظام وبرمجة غريبين ـ.. فلا يكاد العراق يهدأ ـ بعض الهدوء ـ حتى ينفجر من جديد وبصورة أسوأ من ذي قبل.. وكلما حاول الجادون الصادقون الشرفاء: اخماد حريق الاقتتال في الارض الفلسطينية المحتلة، جاء من يؤجج السعير بمزيد من الوقود المؤجج (اتفاق مكة والانقضاض عليه كمثال).. وكلما لاحت في الأفق اللبناني فرصة وئام وطني: جاء من يبدد
هذه الفرصة (المبادأة الفرنسية كمثال).
فما الهدف من وراء: الابقاء على الحرائق مشتعلة ومنع يد الاطفاء من اخمادها؟
ما الهدف؟
هل هو الاصرار على التطبيق الميداني لـ (نظرية الفوضى الخلاقة).. وهذا السؤال نفسه يلد سؤالا آخر كبيرا وهو: ولماذا نظرية الفوضى الخلاقة؟.. ثم ان هذا السؤال الكبير نفسه يلد اسئلة أخرى عديدة:
أ ـ هل المقصود من الفوضى الخلاقة (تغطية الخيبة الاستراتيجية التاريخية الكبرى في العراق؟).
ب ـ هل المقصود: التهيئة القَبْليّة لحرب قادمة على ايران؟
ج ـ هل المقصود: تجميل (وجه اسرائيل)، وانها ارحم بالعرب من العرب انفسهم، تجميل وجهها من خلال ابراز وجه العرب القبيح الملطخ بالدم، الهائج بلا زمام ولا لجام (وبضدها تتميز الاشياء).
د ـ هل المقصود: توثيق نظريتهم التي تلح على ان (العرب قوم منحطون) وهي نظرية تتحرى ترسيخ الاقتناع الفكري والسياسي والحضاري، بأن العرب امة منحطة بحكم تكوينها العرقي والديني والثقافي والحضاري.. ألم يصف بني موريس الموصوف بأنه (مؤسس المؤرخين الجدد الاسرائيليين) ألم يصف العرب بأنهم (برابرة)؟
هـ ـ هل المقصود: (تكثير السوابق) التي تسوغ (التدخل) الاجنبي وتستدعي: التدخل لمكافحة الارهاب.. ثم التدخل من اجل الاصلاح الديمقراطي وغيره.. ثم التدخل لـ (اطفاء الحرائق) حيث عجز اهل الدار عن اطفائها؟!.
و ـ هل ذروة المقاصد هو (فرض وصاية دولية) على الاقليم كله بحجة: ان الاوضاع مقبلة على (انهيار تام)، وهذا مصير لن يقبله الغرب ـ قط ـ!!، لأن الاقليم هو (المخزن الاعظم للطاقة النفطية) التي هي شرايين الانتاج الصناعي في الغرب والعالم؟.
وفي هذا السياق: هل يعاد انتاج واخراج مبدأ بريجنيف (الشيوعي).. ففي عام 1968 سحقت دبابات بريجنيف، تشيكو سلوفاكيا.. ولم تكن عنده (الوصاية السياسية العسكرية) مصابة بالبكم، بل كانت ناطقة لها ولها (فلسفة)، فقد سوغ بريجنيف انتهاكه لسيادة ذلك البلد بمبدأ سمى بمبدأ بريجنيف وهو مبدأ (السيادة المحدودة)، أي ان سيادة الدول محدودة ومنتقصة بحكم ارتباطها بالاستراتيجية العليا للاشتراكية السوفيتية الماركسية اللينينية.. فهل يعاد اخراج هذا المبدأ في غلاف جديد هو (سيادة الدول محدودة ومحكومة بالاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة الامريكية).. ومحدودة ايضا باجندة وكيلها الاقليمي وهو اسرائيل في حالة اقليمنا هذا؟.
ان لبرنارد لويس ـ صاحب التأثير الطاغي في الادارة الامريكية ـ لهذا الرجل نظرية لا يكف عن الجهر بها وهي: «ان العرب والمسلمين ثبت تاريخيا انهم لا يستطيعون ادارة شؤونهم الا تحت وصاية، وعلى الغرب ان يمارس هذه الوصاية من الحاضر والمستقبل». فالى أي حد تأثر القرار السياسي والاستراتيجي الغربي بهذه المقولة؟
المهم ـ من قبل ومن بعد ـ ألا يشغلنكم ما يجري في لبنان والارض المحتلة والعراق.. لا يشغلنكم ـ على خطورته ـ عما هو افدح وادهى مما هو مراد بالمنطقة كلها.. والعبرة العاجلة هي (التأهب للكفاح الوطني)، الجاد في سبيل الحفاظ على السيادة الوطنية والامن الوطني.
نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية

وجّه الدّربيل إلى نفسك



د. عائض القرني


في قلب كل إنسان منا دربيل اسمه البصيرة، قال تعالى: (بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) وهذا الدربيل إن أراد الله بك خيراً وجهته لنفسك، فاكتشفت به عيوبك، فأصلحتها وقوّمتها على الحق، وإن أراد الله بالإنسان خذلاناً سلّط هذا الدربيل على الآخرين، وأهمل نفسه، فتجده ينقب عن عيوب الناس، ويبحث عن زلاّتهم، ويجمع أغلاطهم، فهو كالذباب لا يقع إلا على الجرح كما في الأثر: «يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، ولا يرى الجذع في عينه». هل فرغنا من عيوبنا الكثيرة حتى نتفرّغ لعيوب الناس؟ هل بقي لدينا وقت نشغله بتتبع أخطاء البشر؟ إن توجيه مصباح الله في القلب إلى نفسك نعمة كبيرة من نعم الله، معنى ذلك أنك اكتشفت عيوبك، وعرفت مواطن الخلل في نفسك.
وفي الأثر: «طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس». ولكن المشكلة يوم تحمل هذا الدربيل لتضعه على أسرار عباد الله، فتفحص بعناية كل زلّة وكل خطيئة، ومن يفعل ذلك يُسمى سبّاباً عيّاباً، ليتنا نوجّه دربيلنا إلى ذواتنا، ونترك الناس لرب الناس. اتركوا الخلق للخالق، ودعوا العبيد للمعبود. ليس مطلوباً منّا مراقبة البشر فيما أضمروه وأسروه من أخطاء، ولسنا نحن الذين نحاسبهم، يقول الرسول: «إني لم أومر أن أنَقُبَ عن قلوب الناس ولا أشُقَّ بُطونَهم». وهذه الجملة النبوية دستور مهذّب في التعامل مع الناس، ولو عمل بها المسلمون لما رأيت من تفرغ ليحصي على الناس زلاّتهم، ويؤلّف في مناقبهم، ويجمع عثراتهم. واحسرتاه على من يحمل الذنوب، ويتلبس بالعيوب، ثم لا يعنيه ذلك، إنما شغله الشاغل بعيوب الناس وذنوب البشر. قيل لحكيم: أما رأيت فلاناً يصنع كذا وكذا من الذنوب؟ قال: ما تبت أنا من ذنوبي. واغتاب أحد الناس رجلاً في مجلس العالم الزاهد الربيع بن خثيم فقال له: تذكّر سكرات الموت. أيها الباحثون عن زلاّت الخليقة، عدتم بالفشل، ورجعتم بالخيبة. أيها المكتشفون أخطاء الناس، حققتم الإفلاس، وأدركتم سوء العاقبة. كان الواجب علينا لو رأينا عيباً في الآخرين أن نغض الطرف، ونتغابى أو ننصح، كما قال أبو تمام:

* لَيسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَومِهِ لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغابي.

إن الإنسان الحقير يعشق تصيّد الزّلات ويفرح بعيوب الناس؛ لأنه ردئ كما قال الشاعر الشعبي:

* ما يستشك يا حسينْ كود الرديّيّن والا ترى الطيّبْ وسيعٍ بطانَهْ.

يقول أحمد بن حنبل: التغافل تسعة أعشار حسن الخُلُق. قلت: لو سلكنا منهج التغافل مع الزوجة والابن والصّديق والناس لعشنا الحياة السعيدة، فكيف إذا استعملنا قدراتنا العقلية من الذكاء والدهاء والألمعية في تشخيص أخطاء البشر، وعشنا مع أخطائنا بغباء وبلاهة؟ يقول ديل كارنيجي: عندي ملف في درج مكتبي عنوانه (حماقات ارتكبتها) أسجل فيه أخطائي؛ لأتلافاها مع الزمن. وقال سفيان: لي ثلاثون سنة أجاهد نفسي في ترك عيب، وما زلتُ أجاهد. فيأيها الإنسان، اجعل معك قائمة سوداء من عيوبك تراجعها بينك وبين نفسك، أما الناس فأطمئنك أنك لن تدخل معهم قبورهم لتحاسبهم، ولن تكلّف بمناقشتهم على أخطائهم يوم القيامة، بل أؤكد لك جازماً أنك سوف تحاسب على اغتيابك لهم وكشف أسرارهم. إن الذي بيته من زجاج لا يحقُّ له أن يرمي بيوت الآخرين بالحجارة، كفى اشتغالاً بالآخرين على حساب أنفسنا. والشكر لأبي معاذ الرازي على قوله:

* وغير تقيٍّ يأمر الناسَ بالتقى طبيبُ يداوي الناس وهو عليل.

إن النّجار الذي ذهب يصلح أبواب الناس وبابه مكسّر أحمق، وإن الخياط الذي يخيط للآخرين وثوبه ممزّق أبله، والذي سلّط دربيله على تضاريس العباد وترك الحفر والمطبات في نفسه غبيّ مخذول.

نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية

jeudi 21 juin 2007

العلمانيون والإصلاح الضار

دأب كثير من العلمانيين على التأفف من تفاهة القضايا التي يشغل الإسلاميون بها بالهم، بينما ينشغل الغرب بالتقدم العلمي وجولات الفضاء إلى زحل والمريخ والمشتري!

ويتهكم هؤلاء العلمانيون على قضايا الإسلاميين من مثل مسألة تحليل الربا وتحريمه، وزي المرأة.

والرد على هذا التأفف العلماني طويل ومليء بالزوايا لكننا نختصر ونقول ببساطة إنه من غير الصحيح أن كل ما يشغل الغرب هو الفضاء وهموم التقدم العلمي فلحضرته مسائل تافهة مساوية لذلك في الاهتمام وضرب الأمثلة على ذلك لا يعد ولا يحصى، وليس آخرها مسلسل أخبار باريس هيلتون ووالدتها. وكذلك غير صحيح أن ما يعطلنا نحن عن ارتياد الفضاء وتحقيق الإنجازات العلمية الباهرة هو مناقشاتنا في تحليل الربا وتحريمه وزي المرأة المسلمة وما إلى ذلك، بحيث أننا لو كففنا عن هذا الكلام سينطلق بنا الصاروخ فورا إلى عين الشمس.


منذ مطلع القرن العشرين والعلمانيون يدقون رؤوسنا، يهدمون ثقتنا بشخصيتنا الإسلامية السوية لنصبح، بدعاوى التغريب، مسخا مشوها متخلفا فاقدا خط الرجعة إلى الصحة التي تولد الإبداع والنهضة والتقدم والتغلب على الفقر والجهل والمرض. فلم تكن دعوى التغريب هذه تتضمن أبدا برنامجا ينهضنا على شاكلة النهضة العلمية الحقة المفيدة التي حققتها اليابان والصين وحتى كوريا.

ولم يكن هذا الإغفال سهوا بل كان خطة يعرف العلمانيون جيدا أنها كانت مرسومة بدقة. لم يكن مسموحا لمصر ولا لأي بلد عربي وإسلامي أن يرتفع عن مستوى مسح أحذية سيده الغرب. وها هي تركيا التي أكلت الربا وحرمت الحجاب وكتبت الخط اللاتيني وتبرأت سياسة حكامها من الإسلام برمته فهل استطاعت بعد كل هذه التنازلات أن تكون ندا للغرب؟ وهل وصلت إلى قمر أو زحل أو مشتري؟ بالطبع لا. لماذا؟ لأن الغرب لم يسمح لها بسوى أن تكون قردا ممسوخا بعد أن كانت دولة خلافة يرتعبون من مقامها.

وأمامنا هذا الرفض الهستيري لبرنامج إيران النووي وغض البصر في الوقت نفسه عن النشاط النووي السري والعلني للكيان الصهيوني، فهل يتصور العلمانيون حقا أن إباحة الربا وإغماض العيون عن تعرية شعور وأبدان المسلمات سوف يجلي عنا غمة التخلف العلمي، ويكون بإمكاننا الإمساك بالخيط السحري للصعود إلى القمر؟ أم سيواصل الغرب سلسلة اغتيال علمائنا كلما لاحت من بينهم عبقرية يفاجئهم بريقها خارج سيطرتهم؟

وهنا أجد من المناسب التنويه بكراسات المستشار طارق البشري التي نشرها منذ سنوات تحت عنوان موحد «في المسألة الإسلامية المعاصرة»، وهي تجميع لعدد من أبحاثه ومقالاته التي ألقاها في ندوات لجمهور محدود، أو نشرها في مجلات وصحف لا تصل إليها كل يد، فهذا التجميع مع التصنيف يتيح الفرصة لجمهور أوسع التحرك عقليا، والانتعاش ذهنيا مع مناقشته موضوعات مختلفة تصور البعض أن أبواب مناقشتها قد أغلقت بأحكام نهائية، مثل موضوع «الخلافة العثمانية»، وحركات الإصلاح فيها، ثم انهيارها ثم إعدامها ودفنها تاريخيا باعتبارها من أعتى النظم الإجرامية التي حكمت البشر وإلزام كل متكلم عنها بترديد المقولات الجاهزة التي تصب في هذا الاتجاه وإلا كان كذا وكذا وكيت وكيت... إلى آخر التهم المكرورة. ومثل موضوع «المعاصرة» و«الوافد والموروث» و«الإصلاح» و«التحديث» و«التطور» و«الغلو» و«هل غابت الشريعة بعد عهد الراشدين»، إلى آخر كل هذه العقد المربوطة في حناجر العلمانيين بحبال المقولات المستهلكة التي «تزغطوها» بلا نظرة ثانية لمراجعة أو تفكير ويواصلون «تزغيطها» لأجيالهم الشابة، يزمرون بها في كل مجال للنشر أو الكلام أو التعليقات. و«التزغيط» كلمة تعني دفس الطعام بالقوة داخل الجوف.

يقول تنويه الكراسة «ماهية المعاصرة»: «إن أهم ما يواجه العالم العربي الإسلامي يرد من المواجهة بين أصول الحضارة العربية الإسلامية، التي سادت حتى بدايات القرن التاسع عشر دون منازع، والحضارة الغربية التي وفدت مع تغلغل النفوذ الغربي السياسي والاقتصادي والعسكري منذ بداية ذلك القرن. والتاريخ العربي الإسلامي يرتبط، خلال القرنين الأخيرين، بهذه المواجهة في كل جوانبه. وعلى مدى القرن التاسع عشر، فإن المواجهة السياسية والعسكرية قد شحذت همم المفكرين والقادة السياسيين العرب والمسلمين، يفتشون عن مكامن القوة في الغرب ويحاولون نقلها وعن مكامن الضعف في أنفسهم ويعملون على تلافيها. ثم كان للثورة العسكرية والسياسية الغربية المؤيدة بالتفوق العلمي والتنظيمي، ما اختل به ميزان التقدير في أيدي هؤلاء المفكرين والقادة من ناحية مدى الجبر والاختيار في تحديد ما يأخذونه من الغرب وما يدعون من نظمهم وأفكارهم وأصول حضارتهم وعقائدهم. وجاء الاقتحام العسكري والسياسي فاضطربت تماما معايير الانتقاء لما يفيد العرب والمسلمين من منجزات الغرب، وشلت القدرة على التمييز بين النافع وغير النافع، وطمست الفروق بين التجديد والتقليد وبين النهوض والتغيير والإصلاح والاستبدال».

في هذه الكراسة نلحظ غضب طارق البشري شديدا لكنه هادئ يعبر عنه بالفصاحة والحجة والدليل والتدقيق في التصويب، والحرص البالغ في انتقاء الكلمات، التي يضطر أحيانا إلى نحتها، فهو لا يفور طاعنا ضيق الصدر بل يسدد مصطلح الرؤية ليذهب إلى موقعه مرتاحا، يقول: «.. نحن نتساءل الآن عما نستدعي من التراث، بعد أن كان آباؤنا يتساءلون عما يأخذون من الوافد...» ويقول عن «الإسلام» مصححا لمنهج التناول عند اللاإسلاميين: «... فهو الميزان وليس الموزون في ما تأخذ الجماعة وما تدع. وهو ـ أي الإسلام ـ معيار الحكم والاختيار وليس المحكوم ولا المختار...»، ويقول: «... وما يتعين الحذر منه بداءة هو هذا الترادف والتلازم بين الوافد والعصري، وبين الموروث والرجعي...». ثم ينحت هذا التعبير الحاسم والجريء الذي لم أقرأه عند أحد غيره: «الإصلاح الضار» ليعبر به عن فكرة الاندفاع، الذي شهده تاريخنا الحديث نحو كل لافتة براقة تحمل كلمة إصلاح بينما تكون هذه اللافتة في أحوالنا ضلالا بعيدا عن الإصلاح الحق، ليس لأن اللافتة مزيفة فقط
. ولكن لكونها إعلانا عن دواء لا يلائم حالة المريض فيقتله

"صافي ناز كاظم"

*نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية

mercredi 20 juin 2007

لا غرباء في العالم، بل أصدقاء ينتظرون ساعة اللقاء

مجموعه من اروع الاناشيد

samedi 16 juin 2007

إعادة كتابة تاريخ المغرب من منظور يهودي



إن المتتبع للثقافة اليهودية في المغرب يلاحظ أن قطيعة معرفية بينها وبين الثقافة المغربية العربية الإسلامية تكاد تكون شبه تامة، بالرغم من القواسم المشتركة. ومرد ذلك ـ فيما نعتقد ـ إلي البنية المغلقة للطائفة اليهودية، بحيث رفض اليهود كل مظاهر الحرية الممنوحة لهم وأصروا علي بقائهم في أحيائهم المغلقة الغيتوات ولم يكتفوا بالعزلة المكانية داخل الغيتو/ الملاح(1) التي تحرمهم من الاتصال بالآخرين، بل فرضوا علي أنفسهم العزلة العضوية التي يرجع سببها إلي العيوب العضوية التي يحملها الفرد وتمنعه من تكوين التفاعلات مع الآخرين كالعمي والعطش وهكذا كان لليهود في الغيتو وجود خاص، وحياة متكاملة، الحياة في الخارج غير آمنة وعرضة للخطر، أما في الداخل فكانت منسجمة لا ينقصها أي عنصر من العناصر الاجتماعية، وعرفوا أهمية الغيتو لحياتهم فكانت محصلة اهتماماتهم بناء أسوار غير مرئية لحماية الغيتو وهي أعلي وأمنع من الأسوار المبنية من الحجارة إلي جانب هذه العزلة المزدوجة (المكانية والعضوية)، تموقف المغاربة المسلمين من أية ثقافة تتعارض والمباديء الإسلامية. وهذا ـ في تقديرنا ـ هو ما جعل الثقافة اليهودية المغربية تبدو باهتة علي امتداد تاريخ المغرب، علماً أن الوجود اليهودي ببلادنا تمتد جذوره إلي حقب سحيقة إذ يعتبر اليهود تاريخياً، أول مجموعة غير بربرية وفدت إلي المغرب وما تزال تعيش فيه إلي يومنا هذا بل يذهب حاييم الزعفراني إلي أبعد من هذا حينما يشير إلي آراء بعض المؤرخين يهوداً وغير يهود تعرضوا لذكر طائفة يهودية كانت تعيش في مدينة وليلي في العهد الروماني. وعثر في بقايا ذلك الموقع علي شمعدان برونزي ذي سبعة عروش. كما عثر أيضاً علي بقايا شاهد قبر كتب عليه بالعبرية : مترونا بت ربي يهوده نح... (السيدة بنت الربي يهودا لها السكينة). ويظهر أن المستعمرة اليهودية ظلت بوليلي إلي أن ورد العرب علي المغرب. وقد أشار المؤرخون العرب أنفسهم إلي وجود قبائل بربرية متهودة في زرهون، غير بعيد عن هذا المكان، أيام تأسيس مدينة فاس سنة 808 ولم يكتف الزعفراني بمحاولة إثبات الوجود اليهودي في المغرب علي مدي تاريخه، بل طرح ما هو أخطر حينما قال: ولقد أصبحت النظرية التي تفترض بأن جل اليهود المغاربة هم مغاربة أصلاً تهودوا ولم يفدوا علي المغرب من خارج، والتي يقول بها بعض المؤرخين متداولة ومسلمة ثابتة .
مثل هذا الطرح لا بد وأن يكون غير بريء، ويخفي وراءه نية لا نعتبرها سليمة، لأن معني هذا أن اليهود هم أصحاب حق في البلاد المغربية، فلهم الحظوة والسبق. وهو قول يدعو بشكل مكشوف إلي إعادة كتابة تاريخ المغرب بناء علي المعطيات الجديدة وبناء علي هذا التصور المعزز بفرضيات علمية و حفريات جيولوجية ، و آراء تأريخية . قد نتفق مع حاييم الزعفراني ومع غيره في الإقرار بوجود يهودي في المغرب له عمقه التاريخي والاجتماعي ولكننا نختلف معه، بشكل جذري وقطعي، فيما ذهب إليه. وبما أن موضوع هذه الدراسة ليس هو التأريخ فإننا ندعو المؤرخين والدارسين والباحثين المغاربة، في كل التخصصات والمجالات، إلي تفنيد مثل هذا الادعاء المبني علي معطيات خاطئة وأسس هشة وتصورات افتراضية ليس إلا. والمجهود الذي نقدمه اليوم هو خلاصات دراسة لأنماط صورة اليهودي في المتخيل الاجتماعي، وفي الثقافة المغربية. وإن كنا لا نهدف ـ من خلاله ـ النبش في تاريخ الوجود اليهودي بالمغرب؛ فإننا سنركز علي المصادر التاريخية والاجتماعية التي شكلت هذه الأنماط.
نعتقد أنه آن الأوان لتسليط الضوء علي كل جانب من جوانب العلاقة بين اليهود والمسلمين المغاربة، وما تتطلبه دراسة مثل هذه من رصد لأوجه الاختلاف والائتلاف بيْنهما. وقد تفيدنا كثيراً دراسة الجوانب التاريخية والاجتماعية والثقافية لفك رموز هذه العلاقة حتي نسد الطريق علي كل ادعاء. وبناء عليه فسواء اعتبرنا هذه الجوانب انعكاساً للواقع (وهي كذلك) أو أداة لتشكيل وخلق واقع جديد مغاير، فإن تعالقاتها بالحياة ومختلف أوجهها تبقي من صميم ماهيتها واهتماماتها. هذه دراسة لصورة اليهودي التاريخية والاجتماعية والثقافية ومن أجل عرض صورة أكثر توازناً، فإن العوامل الاجتماعية والتاريخية تشكل جزءاً هاماً من هذه الدراسة وقد انحزنا إلي العوامل الاجتماعية والتاريخية ليس فقط من أجل مقاربة العلاقة بين اليهود والمسلمين، ولكن من أجل الكشف عن كل تجليات صورة اليهودي الذي يحاول ما أمكن إخفاءها ويمارس بالنسبة لأصوله وثقافته نوعاً من الرقابة الذاتية، بل تتحول أحياناً هذه الرقابة إلي التخريب الذاتي، وكان هذا اليهودي يتنكر لماضيه، ويخفي قيمه الموروثة عن آبائه وأجداده، معتقداً أنه من غير المفيد أن يكشف عنها، إما جهلاً أو عن عدم إدراك، أو استحياء من الحالة التي هو عليها ، هذا اليهودي الذي يتنكر لماضيه ويخفي قيمه الموروثة عن آبائه وأجداده، علي حد تعبير الزعفراني هل يساعد الآخر علي رسم صورة له؟ وكيف يمكن لأية دراسة تتحري الموضوعية وتتغيا العلمية أن تتجاوز هذا السور المغلق لتقارب الجزئيات الدقيقة، والملامح الخفية لهذه الصورة؟ فعلاً لقد تكتم اليهود المغاربة ويتكتمون ـ بشكل مريب ـ عن نتاجاتهم الأدبية والفنية، ولم يشهروا منها إلا النزر القليل. إلا أن ما لاحظناه في الآونة الأخيرة هو بروز اهتمام مفاجئ بهذه النتاجات ليس فقط من طرف اليهود المغاربة وحدهم، بل، أيضاً، وربما بنفس الدرجة، من طرف الباحثين المغاربة ولقد اتخذت حالياً، مبادرات في إسرائيل وفي غيرها لتشجيع وتطوير الأبحاث والدراسات حول هذه اليهودية الشرقية والسيفرادية، لدراسة تاريخها طوال خمسة قرون الأخيرة. وعلينا أن نأمل إنجازات حقيقية في هذا الصدد، وفي أقرب الآجال. وفي الحقيقة، فإنه قد حان الأوان لنفض الغبار عن هذه القرون المعتمة في تاريخ وفكر الشتات الشرقي، وهذا ميدان هام من العالم اليهودي ومن ثقافته التي ظلت بعيداً عن العلم والبحث، ومقصاة من الدراسة والتعليم هذه القرارات التي اتخذت في إسرائيل وجدت صداها في المغرب، لأن التراث الثقافي ليهود المغرب هو جزء لا يتجزأ من الفكر اليهودي الشامل من جهة، ولأنه يساهم في المعرفة الجيدة للعالم العربي ـ الإسلامي، ومجتمع حوض البحر الأبيض المتوسط من جهة أخري. وبالإضافة إلي ذلك، فإننا نلمس وعياً بهذا، في المغرب العربي نفسه، حيث تبدي مجموعات البحث العلمي الجامعي، والمجلات المتخصصة والصحافة اليومية، اهتماماً ظاهراً بالدراسات الخاصة بيهود المغرب وبالوثائق المتوفرة التي أصبحت تعتبر لدي بعض المغاربة المسلمين مصدراً لا يستهان به لتاريخهم، بل جزءاً من فكرهم، وعلي الخصوص عندما يتعلق الأمر بالآداب الشفوية والشعبية، واللهجات والإبداع الفني والموسيقي والغناء نفس التصور تعبر عنه الدكتورة ريزا دومب بحيث تشدد علي إجراء الأبحاث التي تحسن العلاقة بين العرب واليهود إنه لأمر مرغوب فيه كثيراً إجراء الأبحاث، التي تستهدف الوصول إلي تفاهم ما بين العرب واليهود، وأن أي خطوة، تقود إلي هذا التفاهم، ذات أهمية حيوية . وتضيف وأخيراً فحتي لو لم يؤد تحليل الأعمال الأدبية وعرض صورة العربي من خلالها، إلا إلي إلقاء ضوء علي جانب من جوانب العلاقة المعقدة بين العرب واليهود، فإن ذلك يساعد علي التفاهم المرغوب فيه بينهما وتري أن هذه العلاقة وإن كانت معقدة فإنها احد الموضوعات، التي لا تشغل فقط الشعبين المعنيين، بل تمتد أيضاً إلي ما وراء ذلك . تعقيد هذه العلاقة له أسبابه التي لا زالت قائمة إلي الآن. وما نحتاجه هو محاولات تجاوز هذه الأسباب، ولن يكون ذلك إلا بالكتابات الجريئة المقتحمة والمسؤولة في نفس الآن.

هوامش

(1) الغيتو Gheo وهو حي اليهود، أو معزلهم في المدينة داخل البلد الذي يقطنونه. وكلمة غيتو تطلق علي الحي السكني لليهود في بلاد أوروبا وأمريكا، أو حارة اليهود في ألمانيا Judengae نفس الاسم يطلق عليه في مصر، وقاع اليهود في اليمن، أو الملاح كما نسميه نحن في المغرب ويسميه كذلك الجزائريون والتونسيون والليبيون.

"د. محمد الوادي"

كاتب من المغرب
16/06/2007
(خدمة القدس العربي)

jeudi 14 juin 2007

معجزة الخلق

الأصداء العربية للجدل الامريكي حول الجزيرة

الخصومة الامريكية الرسمية لقناة الجزيرة هي أمر مستقر، وربما ستشكل تفاصيلها يوماً حلقة هامة في التاريخ السياسي العربي الحديث. وبين وقت وآخر، ينفجر الجدل في الدوائر العربية حول القناة الإخبارية الأوسع انتشاراً في العام العربي.
أطراف هذا الجدل ومواضيعه معروفة إلي حد كبير، سواء تلك التي تعبر عن مصالح دول وقوي سياسية معينة، أو تلك التي تعبر عن وجهة نظر إعلامية مهنية بحتة. ما يستبطنه هذا الجدل، وتلك الخصومة، هو بالطبع أهمية القناة وتأثيرها علي الشارع وفي أوساط النخب وصانعي القرار علي السواء، حتي أولئك الذين يوجهون لها الاتهام. خلال الأسابيع القليلة الماضية، ثار الجدل من جديد، ربما علي خلفية التغييرات الإدارية الأخيرة في القناة، والتي تحولت هي نفسها إلي مادة للشائعات. وعادت إلي الواجهة بالتالي ما يمكن أن يطلق عليها المسألة الامريكية ـ الإسلامية في الجزيرة. ثمة من يقول، مثلاً، أن الجزيرة تحرص علي إظهار امريكا بصورة سلبية علي الدوام وأن القناة التي اتهمت مراراً من الدوائر الأمريكية بأنها مركز ترويج للقاعدة والإرهاب، قد تحولت إلي تلفزيون حماس .
الجزيرة بالطبع ليست هي القناة الإخبارية الوحيدة في العالم العربي، فسواء في المحيط القطري المحلي أو المحيط العربي الجامع، يتزايد عدد المحطات الإخبارية الجادة. ولكن النجاح الذي حققته الجزيرة وضعها في موقع متقدم علي مثيلاتها ومنافساتها. لم تصل الجزيرة بعد إلي مستوي البي بي سي، سواء من حيث نوعية الوثائقيات أو من حيث عمق وحرفية التغطية الإخبارية، وستحتاج الجزيرة إلي بعض الوقت قبل أن تقترب من المستوي الذي وصله الإعلام البريطاني المرئي العام أو المحطة الامريكية العامة. والسبب في ذلك الفارق معروف، فالكادر الإعلامي العربي هو كادر صغير العمر وقليل العدد نسبياً، والعمل الإعلامي هو فوق ذلك حصيلة فضاء ثقافي ومعرفي وليس التقنية العلمية وحسب. هذا كله، علي أية حال، لم يمنع الجزيرة، في علاقتها بالضمير والوعي الجمعي العربي، من أن تكون مثل البي بي سي في تمثيلها للضمير والوعي البريطاني الجمعي. الجزيرة هي مرآة الرأي العام العربي، هي مؤشر همومه وأولوياته، هي مصدره ومنتجه في الآن نفسه. وهي إضافة إلي ذلك واحدة من أهم تعبيرات قدرة العرب علي الإنجاز، فهي المؤسسة العربية الأبرز التي تضم عرباً من المغرب إلي قطر، صحافيون ومراسلون وفنيون ومنتجون وإداريون، يعملون ويعيشون في فضاء واحد، ويرون كيف يمكن لهم معاً تحقيق نجاح كبير. لهذا، ولأشياء أخري يصعب تعدادها جميعاً، يعتبر الجدل حول روح الجزيرة جدلاً يتعلق بالجدل حول وجود العرب وخياراتهم نحو المستقبل، أكثر منه حول مجرد محطة للعمل الإعلامي المرئي.
مشكلة الجزيرة مع الولايات المتحدة، ومع أصدقاء السياسة الامريكية العرب، هي بالتأكيد ليست مشكلة مع الغرب، وهي في جوهرها مشكلة سياسية وليست مشكلة ثقافية أو فكرية. ليس ثمة جدل فرنسي أو ألماني حول الجزيرة، مثلاً، وحتي في بريطانيا، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، فإن الجدل محصور في الوايتهول، بينما ينظر للقناة باحترام كبير في الدوائر البرلمانية والإعلامية والجامعية، لا سيما تلك المهتمة في الشؤون العربية والشرق أوسطية. وهي مشكلة سياسية لأن الجزيرة كأداة وتقنية ووسائل عمل، كما عدد هائل من المتخصصين ودوائر العلوم والاستهلاك وأنماط المعيشة، هي مؤثر غربي حديث. علاقات التبادل العربي - الإسلامي مع القارة الأوروبية هي علاقات تعود لأكثر من ألفي عام، ولا فكاك منها، تنافساً وتعليماً وثقافة وفلسفة، وصراعاً في بعض الأحيان. وفي شكل مباشر أو غير مباشر، في برامج متخصصة أو غير متخصصة، وفي الأعمال الوثائقية وغير الوثائقية، في خلفيات وأصوات وقيم المعلقين والضيوف والناطقين الرسميين، يحتل الغرب الثقافي والفكري والحضاري، الامريكي والأوروبي، بما في ذلك تقاليد وعمل الديمقراطيات الغربية، مساحة كبري من مساحات بث الجزيرة. ولعل الاستجابة التي تجدها الجزيرة لدي أبناء الجيل الثاني من العرب المستقرين في أوروبا الغربية والامريكيتين، الذين يعتبرون الأكثر التصاقاً بالثقافة والتعليم ونمط الحياة الغربية، تكشف هذه العلاقة الوثيقة بين مادة القناة وما هو غربي حديث. ولكن هناك مشكلة ما للسياسة الامريكية وأصدقائها وحلفائها العرب مع الجزيرة.
المشكلة في مشكلة هؤلاء مع الجزيرة أنهم لا يريدون أن يروا أنها جزء من مشكلتهم مع العالم ككل. مشكلة السياسة الامريكية الخارجية مع العالم تعود علي مطلع الخمسينات وبروز ما يعرف بنظام الأمن القومي الامريكي الذي أعطي للسياسة الامريكية الخارجية منحاً امبراطورياً. وقد تفاقمت هذه المشكلة منذ 2001 وقيام الإدارة الامريكية بعسكرة النظام الدولي، مطلقة جيوش الغزو في كل اتجاه وعاملة علي تأسيس المزيد من القواعد العسكرية الامريكية عبر العالم. وهو التوجه الذي أكدته الاستراتيجية الرسمية لعام 2002، التي أسست لسياسة الحرب الاستباقية. الصورة السلبية للسياسة الخارجية الامريكية ليست قاصرة علي الجزيرة، ولا حتي علي تصور العرب والمسلمين للعالم، بل هي الصورة المسيطرة علي التغطية الإعلامية البريطانية والأوروبية في شكل عام، وهي الصورة التي تعكسها استطلاعات الرأي العام العالمي من الصين إلي البرازيل. والمدهش، للدوائر العربية علي الأقل، أنها الصورة التي تهيمن الآن علي الإعلام الامريكي نفسه. في عدد مجلة النيوزويك الأخير، يكتب فريد زكريا، رئيس تحرير النسخة الدولية من المجلة الامريكية الأسبوعية واسعة الانتشار، وأحد الاعتذاريين والمسوغين الرئيسيين للسياسة الخارجية الامريكية طوال السنوات الخمس أو الست الماضية، ليقول ان المهمة الأولي للرئيس الامريكي القادم، جمهورياً كان أو ديمقراطياً، هي إنقاذ الوضع الامريكي الدولي وإعادة بناء الصورة الإيجابية لامريكا.
لا البي بي سي، لا الجزيرة، ولا أي مؤسسة إعلامية مستقلة جادة أخري في العالم، عليها السعي لإرضاء الحكومة الامريكية ولا أية حكومة أخري، بما في ذلك حكومة بلادها. مهمة الإعلام الحديث هي في جوهرها مهمة نقدية، تحليلية، كاشفة، ومضيئة للخفي والغامض وما يستبطن الشر أو الخطأ أو تجاوز القوانين والأعراف والقيم الإنسانية المشتركة. وعندما يغفل الإعلام عن مهمته فإنه يفقد مبرر وجوده، يتحول إلي شاهد زور، أو يصبح أداة دعاية. قيام الجزيرة بهذه المهمة ليس استجابة لرأي الشارع، مهما كان رأي هذا الشارع ، بل هو التزام بما يعنيه الإعلام الحديث في عالم يزداد تعقيداً. وربما من المهم التذكير بأن المعركة التي خاضتها البي بي سي مع حكومة بلير حول الحرب علي العراق، والتي خسر فيها رئيس مجلس إدارة المؤسسة موقعه، انتهت بانتصار رواية البي بي سي والتوكيد علي أن تقديرها للأمور كان صحيحاً.
الاتهام الآخر الموجه للجزيرة هو أقل تعقيداً وأكثر هشاشة. عندما كان الخطاب الاتهامي الامريكي للقناة يتمحور حول أشرطة قادة القاعدة، كانت الجزيرة (ولا تزال) تحمل لمشاهديها أسبوعياً صوت الشيخ القرضاوي، أكثر العلماء المسلمين السنة المعاصرين سلطة وتأثيراً، وأكثرهم وضوحاً في خصومته مع دعاة العنف، نهجاً وشرعاً. وبالرغم من أن الشارع الإسلامي هو الأكبر والأوسع بكل المقاييس، فإن برامج الجزيرة تتبع سياسة متوازنة في إفساح المجال لوجهتي النظر المتعارضتين في كل القضايا المطروحة للنقاش، من الديمقراطية، العنف، الاحتلال الأجنبي، المقاومة، العلاقة بالغرب، الدستور، المرأة، القومية، الإسلام السياسي ...إلخ. ولكن الأهم من ذلك كله، وسواء تعلق الأمر بحماس أو أية قوة إسلامية أخري، فإن كادر الجزيرة هو في أغلبيته العظمي من أصحاب الخلفيات غير الإسلامية أو من أصحاب اللاخلفيات، إن جاز التعبير. الأغلبية الساحقة من مقدمي البرامج الرئيسية والمذيعين لا يمكن اعتبارهم من المؤيدين للتيار الإسلامي السياسي بأي حال من الأحوال، وعدد ملموس منهم من العرب غير المسلمين أصلاً. الصورة التي يرسمها هؤلاء ككتلة هي صورة الميراث التعددي لسكان هذه المنطقة من العالم، وما يجمع هؤلاء الرجال والنساء، الشبان والشابات، هو حرفية عالية، تتقدم علي حرفية أية كتلة إعلامية عربية أخري. ولا يقل أهمية أن هذه النوعية من العاملين في القناة هي نفسها نوعية مراسليها ومدراء مكاتبها، بما في ذلك مكاتب الجزيرة الرئيسية في القاهرة ورام الله وواشنطن وأنقره، وغيرها.
قد يكون عبء الجزيرة الكبير هو عبء اللحاق بالمستويات الرفيعة للإعلام المرئي، لا سيما التلفاز البريطاني الذي يعتبر الإعلام المرئي المرجعي للعالم بأسره. ولكن الجزيرة بالتأكيد لا تعاني من مشكلة أمريكية خاصة ولا من توجه إسلامي خاص أو عام. والذين يوجهون هذه الاتهامات يعرفون هذا علي وجه اليقين. الذين يوجهون هذه الاتهامات لا يستهدفون إصلاح الجزيرة والارتفاع بمستواها، يريدون تغيير القناة بوجه كلي. ثمة عدد من الإنجازات الإيجابية البارزة التي حققتها هذه المؤسسة، ربما في شكل أكبر بكثير مما توقع لها كثيرون ممن كانت لهم علاقة بتأسيسها. هذه القناة لم تصنع فضاء عربياً مشتركاً وحسب، بل ونهضت بمستوي الخطاب العربي، وهي ليست محدودة في توجهها بدوائر النخبة، بل أصبحت الجسر الثقافي والسياسي، الوحيد ربما، بين النخبة وعامة الناس. الجزيرة لم تكسر احتكار المعلومات وحسب، بل وجعلت الناس شركاء في الأحداث الكبري التي يعيشونها، لم تقبل بقداسة غير المقدسين وحسب، بل واستباحت حرمة الظلم والسيطرة والاستبداد. وليس ثمة ساحة ديمقراطية، أفسحت المجال لتعددية الخطاب العربي، بل والعالمي، فهي هذه الساحة. هذه هي مشكلة الجزيرة، وهذا ما يريد البعض إطاحته وتقويضه.
الجزيرة تحتاج النقد، بل والنقد القاسي والمستمر، لأن الموقع الذي تحتله يتطلب مثل هذا النقد والمحاسبة. ولكن ثمة فرقا بين نقد يستهدف الارتفاع بمستوي القناة الفني والثقافي والحرفي، وذلك الذي يستهدف التقويض، استرضاء هذه الدولة وتلك، أو الهبوط إلي مستوي صحافة التابلويد

"د. بشير موسي نافع"
(خدمة القدس العربي)
14/06/2007

mardi 12 juin 2007

اعتراف

تعقيبا على مقال

:في "العربية نت" بعنوان
"شواذ المغرب يحتفلون باليوم العالمي للمثليين ويستعدون لإطلاق جمعيتهم"

:علق أحدهم فقال
أنا مثلي و لي رأي خاص حول هذه الإجتمآعات و المطآلبات بحرية التجمعات بين المثليين في العالم العربي .. فأقول بأنه يجب علينا كمثليين أن نحترم القوآنين و طبيعة البلآد التي نعيش فيها و ألا نتجاوز ذلك بإقامة التجمعات و الإحتفالات فهذا تعدّي صآرخ و مفضوح على القيم الإجتماعية التي يجب علينا أن نرضى بها و أن نرضخ لها . أما بالنسبه لإنشاء جمعية خآصة بالمثليين فهذا باب لفتح الدعارة المثليه و علينا أن نحذر منها كمثليين و ألا نرضخ لشهواتنا التي ستقودنا للأمراض و الهآويه .. فعلينا بدل المطالبة بحقوقنا .. مطالبة أنفسنا بأن نتعالج لكي نتخلص من هذا المرض النفسي و خلونا من التقليد الأعمى و تحياتي لموقع العربيه الذي اتمنى بأنه يثبت حرية الرأي بالسماح لمقالي بالظهور

فرق «الراب» المغربية.. أغنيات «ثورية» وتأثير في الشباب

قمصان رياضية وسراويل جينز مهلهلة.. وسلاسل وأقراط


بالصراخ والتصفير والحركات الهستيرية، يستقبل الجمهور فرق موسيقى "الراب" المغربية. فهذه الفرق أصبحت تملأ الساحة الغنائية بشكل لا يمكن تجاهله كظاهرة. فالشباب، على ما يبدو، وجد فيها ضالته التي تعبر عن مشاكله وهمومه، لدرجة أن مهرجان "موازين"، الذي يقام سنويا في مدينة الرباط، أصبح يخصص فقرة أساسية ضمن برنامجه الفني أطلق عليها اسم "جيل موازين"، يفتح الباب لهذه الفرق التي تغني مختلف أصناف الموسيقى الغربية، وعلى رأسها "الراب"،"الروك"،"الهيب هوب"، و"الريغي".
وتطلق هذه الفرق على نفسها أسماء غريبة، مثل "زنقة فلوو"، أو "اش كاين"،و"لفناير"،"وكانكا"،وغيرها، وتعتمد على طريقة أداء حادة ومباشرة تخاطب شريحة الشباب بالدرجة الأولى.

لكن ما هو سر شعبية هذه الفرق التي تضم شبابا في العشرينات من العمر لديهم تكوين موسيقي بسيطة جدا، بل إن العديد منهم ليست لديهم أي خلفية موسيقية تذكر، وكل ما يشفع لهم حبهم لهذا النمط الغربي الذي يقلدونه أو يعملون على "مغربته" عن طريق إدماجه بالموسيقى الشعبية المغربية مثل ايقاعات موسيقى "غناوة" الشهيرة. مظهرهم أيضا يعكس تقليدهم للغرب، وبالذات نجوم أميركا، فهم يرتدون قمصانا قطنية رياضية فضفاضة مطبوعا عليها عبارات تحمل رسائل معينة، وسراويل "جينز" مهلهلة ومتدلية تحت الخصر، وقبعات وسلاسل ذهبية أو فضية تتدلى من أعناقهم، بل منهم من يضع أقراطا في أذنه. ومع ذلك، فهم يشكلون ظاهرة يجب التوقف عندها، خصوصا أن تأثيرهم في الشباب المغربي قوي، ليس فقط لأن المواضيع التي يتحدثون عنها في أغنياتهم بالعامية المغربية تعبر عن همومهم، بل لأن حركاتهم "الروبوتية" حتى وهم يسيرون في الشارع تثير الاهتمام وتعطي الانطباع بالتحرر والتحدي، هذا عدا أن عبارات الأغنيات أصبحت في بعض الأحيان، مرجعية لأفكارهم وتجاربهم، ومواقفهم الناقمة والرافضة، مثل عبارة "جيب العز ولا كحز" أي "كن شهما أو ابتعد "، أو "ما كاين لا مستقبل ولا ماضي ولا مضارع"، وهو تعبير عن التشاؤم المطلق، وهكذا.

وتتطرق هذه الأغنيات إلى مواضيع لا حصر لها، مثل البطالة، الفقر، الحروب، المخدرات، الدعارة، وما شابهها، وربما كان هذا هو سر نجاحها والتجاوب الذي لقيته من الجمهور الشاب. المشكلة أن بعضهم تجاوز الخطوط الحمراء ولم يتردد في استعمال كلمات نابية أو جارحة بحجة "الواقعية" عند الحديث عن بعض الظواهر المشينة في المجتمع مثل الدعارة على سبيل المثال، ومن بينهم المغني "بيك" الذي أصبح "نجما" بين عشية وضحاها تحاوره القنوات التلفزيونية، ويفوز بعقود إعلانية بل ان بعض الأحزاب السياسية التي توصف بـ "التاريخية" "و"الوطنية" أصبحت تستنجد به للمشاركة في تجمعاتها الخطابية لضمان اكبر حضور للشباب.

والملاحظ أن غالبية هذه الفرق لديها حس وطني وقومي قوي، تعبر عنه بطريقتها الخاصة.

"الشرق الأوسط" التقت عددا من أفراد هذه الفرق أثناء مشاركتها في مهرجان موازين في الرباط، لمعرفة وجهة نظرها، وكانت هذه الحصيلة.

يقول فريد غنام من مجموعة "ميارا فيزيون" الفائزة بمسابقة "موازين"، وهي مكونة من 8 أعضاء، إن الفرقة اختارت المزج بين الموسيقى التقليدية المغربية والغربية، وسبب نجاحها برأيه هو أن أفرادها يجتهدون لتقديم أجود ما لديهم للجمهور الذي يستطيع التمييز بين الأغنيات الصادقة والمفتعلة، حسب تعبيره، ولم ينف دور الإعلام المغربي في تحقيق الانتشار لهذه الفرق التي فرضت نفسها لأنها ملأت الفراغ الموجود. أما زكريا بنان، عضو فرقة "بنان للفنون الاستعراضية الشعبية"، التي اختارت تقديم اللون الغنائي المغربي الفولكلوري، فيتوقع أن تنتهي ظاهرة فرق "الراب" المقلدة للغرب بعد مدة قصيرة، نتيجة الملل الذي سيشعر به الشباب المغربي تجاهها، وسيعودون بعدها إلى البحث عن الأصيل، أي الثقافة الموسيقية المغربية.

ويضيف بنان الذي كان يتحدث بثقة، أن فرقته أرادت التأكيد على أن الشاب المغربي لا يجري وراء تقليد الغرب، بل متشبث بهويته المغربية.

ونفى أن يكون الشباب المغربي يفضل اللون الغربي، بدليل أن الجمهور كما قال "لم يصرخ" إلا عندما ظهرت فرقة "بنان" على الخشبة أثناء مسابقة موازين، الذي يعرف اكتساحا للإيقاعات الغربية. أما يوسف الفجري (23 عاما)، الذي يشتغل محاسبا وعضوا في فرقة "هنووز"، فيؤكد أن الشباب يفضل حاليا الموسيقى الصاخبة لذلك اختارت فرقته التخصص في هذا اللون الموسيقي، مضيفا أن أعضاء الفرقة لا يولون اهتماما للمواضيع التي سيتطرقون إليها في أغنياتهم بقدر اهتمامهم بالنغم والإيقاع. أما سر نجاح هذه الفرق، من وجهة نظرهم، فهي أن بعضها اختار"البوليتيك" أي الحديث عن "السياسة" بنوع من الصراحة والجرأة، ووجد الشباب أن هذه الأغنيات تعبر عن ما يدور في تفكيرهم.

أما أعضاء فرقة "حكمين" فيؤكدون أنهم تعلموا الموسيقى عن طريق "الاستمرارية والخبرة"، ويرفضون مطلقا أن ينعتوا بأنهم مجرد مقلدين لفرق الراب الأميركية. "فالراب" بنظرهم هو نمط إيقاعي يتلاءم مع جميع اللغات، بالإضافة إلى أنهم يستعينون بمقاطع موسيقية مغربية ويدمجونها في أغنياتهم بتوزيع موسيقي جديد.

ويقول أفراد هذه الفرقة إنهم لا يتوجهون إلى الشباب فقط، بل إلى جميع فئات المجتمع، ويحرصون في أغنياتهم أن تتضمن مواضيع تبرز الجوانب الايجابية والجميلة في المغرب، وتحمل رسائل تحث الشباب على التحلي بالأخلاق، وأكدوا بدورهم أن الإعلام كان له دور كبير في نجاحهم.

ما هو رأي الموسيقيين في هذه الموجة الموسيقية الجديدة؟..

يقول المؤلف الموسيقي بلعيد العكاف، عضو لجنة تحكيم "جيل موازين" لـ "الشرق الأوسط"، إن غالبية هذه الفرق تتعاطى الموسيقى الغربية بحكم السن. فهم شباب تتراوح أعمارهم ما بين 16 واقل من 30 عاما، تنقصهم التجربة، إلا أن الفرصة التي يمنحها لهم المهرجان، ستمكنهم من النضوج في المستقبل، خصوصا بالنسبة للفرق التي تتوفر على طاقات واعدة.

وأشار العكاف إلى أن المهرجان يشجع الفرق التي تنطلق أساسا من الموسيقى المغربية، أي تلك التي تدمج بين الأصالة والمعاصرة، مستغربا لجوء بعض الفرق إلى الغناء باللغة الانجليزية، رغم أنهم لا ينطقونها بشكل سليم.

وأوضح أن "الراب" نمط غنائي ينبني أساسا على استعمال كلمات الشارع التي تعبر عن الفئات المقهورة اجتماعيا واقتصاديا، لذلك فهذا الغناء ينتشر بكثرة في الأحياء الهامشية مثل أحياء السود في أميركا، وفي ضواحي المدن الفرنسية، حيث له جمهور واسع جدا، وله تأثير كبير على الحياة الاجتماعية وحتى السياسية، وأصحابه على درجة من الوعي، في حين أن مضمون الأغنيات عند بعض فرق "الراب" المغربية فارغ، ومليء بالقذف والتشاؤم والكلمات الساقطة، حسب رأيه.

وأكد العكاف انه لا يوجه اللوم إلى هؤلاء الشباب، بل إلى المسؤولين في وزارة الثقافة لأنهم لا يقومون بتأطير الشباب وتوجيههم من خلال إنشاء مراكز ثقافية متخصصة للنهوض بالقطاع الفني في البلد واستيعاب الشباب الذي لديه ميول فنية
"الرباط: "لطيفة العروسني
(خدمة الشرق الأوسط
)

الطريق إلي تجاوز الاستقطاب الإسلامي ـ العلماني بين الديمقراطيين العرب؟

...
في المرحلة الحالية من مراحل النضال من أجل الديمقراطية في العالم العربي، أصبح الانقسام العلماني ـ الإسلامي هو العقبة الأكبر التي تواجه التحول الديمقراطي العربي، متفوقاً بذلك علي الانقسامات السابقة ذات الطابع العرقي أو السياسي أو القبلي. ومن هنا فإن الدكتاتوريات التي كانت تزعم في السابق أنها الحاجز الذي يحمي الأمة من الرجعية والرأسمالية، أو من المد الشيوعي، أصبحت تقدم نفسها علي أنها آخر خط دفاع للأمة ضد التطرف الإسلامي، أو حامية حمي الدين والوطن ضد جحافل العلمانية الكافرة التي تتربص بالعقيدة شراً. وعليه فلا بد من التوصل إلي حل حاسم ترتضيه كل الأطراف لهذه المعضلة كمقدمة لتوحيد جهود المناضلين من أجل الديمقراطية وعزل قوي الاستبداد وقوي التدخل الأجنبي التي تريد أن تلعب علي هذا الانقسام لكي تضمن استمرارية ثنائي الاسبتداد والهيمنة الخارجية
...
"د. عبدالوهاب الأفندي"
12/06/2007
(خدمة القدس العربي)

المغرب: عندما يعلن قيادي إسلامي عن نهاية الإسلام السياسي

هناك العديد من الميزات التي نجدها في كتاب الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب ، الذي أحدث رجة في أوساط حركات الإسلام السياسي مؤخرا، وقد ألفه الداعية فريد الأنصاري، وهو القيادي السابق في حركة التوحيد والإصلاح التي تتحكم اليوم في كواليس وقيادات والخط السياسي العامل حزب العدالة والتنمية.
1 ـ أول هذه الميزات، الاعتراف الخطير الذي يهدد مستقبل الحركات الإسلامية، عندما يعترف الكاتب بأن يوم إعلان اتخاذ حزب سياسي واجهة للعمل الإسلامي كان يوم إعلان وفاة الحركة الدعوية.
2 ـ أما الميزة الثانية، فتكمن في كشف الاختلالات الميدانية التي سقطت فيها التيارات السلفية الوهابية، ويتحدث أساسا، عن الانزلاقات التي ميزت استيراد المغرب للسلفية الوهابية في عهد وزير الأوقاف السابق، عبد الكبير العلوي المدغري.
3 ـ وهناك ميزة ثالثة وتفتح أعيننا علي نقاط قلما تطرق إليها الكتاب والباحثون و المحللون المغاربة، خلال السنين الأخيرة، وخاصة بعد الاعتداءات الإرهابية التي ضربت الدار البيضاء يوم 16 ايار (مايو) 2003، فمن المعروف أنه بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة لهذا العام، اكتشف الرأي العام المغربي العديد من المحللين و الخبراء في موضوع الحركات الأصولية، مما اعتبر أضحوكة في الواقع، لأن الحقيقة، أن الساحة المغربية تضم قلة قليلة من الأقلام التي تشتغل علي هذا الملف، وتكاد تعد علي أصابع اليد الواحدة فقط، والمضحك، أن فضائية عربية، استدعت رئيس تحرير أسبوعية مغربية (ومقرها في الرباط) علي هامش اعتداءات الدار البيضاء الأخيرة، وهو صحافي ينتمي سياسيا إلي حزب في حكومة الوزير الأول ادريس جطو، ولا يفقه شيئا في حركات الإسلام السياسي، والنكتة، أنها عرفته بأنه متخصص في الحركات الأصولية.
ومن هنا، تكمن أهمية كتاب الأخطاء الستة ، لأنه يفتح أعيننا علي قراءة دقيقة وهادئة في بعض أطياف حركات الإسلام السياسي، وقد حررها عضو كان قياديا نافذا سابقا، أي يتحدث انطلاقا من وقائع وأحداث وأشخاص، وليس جالسا في مقاهي الرباط والدار البيضاء، أو في أحد الأبراج العاجية، ويعتقد أنه يفهم الكثير ومتخصص أكثر في موضوع الحركات الإسلامية.
بعد أن توقفنا قليلا عند هذه الميزة الثالثة، لا بد لنا من العودة إلي بعض التفاصيل بخصوص الخاصيتين الأولي والثانية.
1 ـ فبالنسبة للأولي، نري أولا، أنه من أجل فهم رسائل الأخطاء الستة، لا بد من العودة إلي كتاب سابق ألفه فريد الأنصاري، وعنوانه البيان الدعوي وظاهرة التضخم السياسي ، لأن ما جاء في كتاب الأخطاء الستة كان تتمة وتكريسا لما جاء في الكتاب الأول، حيث قال فيه، علي سبيل المثال لا الحصر، انه يهدف من تأليفه الإسهام في معالجة الإشكال الحاصل في الميدان الدعوي، وبالتحديد، علاقة السياسي بالدعوي في مشروع التجديد الإسلامي، وموقع المسألة السياسية من مشروع التجديد الإسلامي.
كما استنكر الأنصاري في كتابه الأول عدم استجابة الحركات الإسلامية للحوار الهادئ داخليا وخارجيا، بأن تدع أسلوب الاتهام الإيديولوجي الذي كانت تنعاه علي الاتجاهات الماركسية في السابق، كأسلوب للتخلص السهل من الرأي الآخر، عبر رمي صاحبه بالتخاذل، والجبن، والعمالة للمخابرات، والانحياز إلي النظام، والركون إلي الذين ظلموا.. إلخ من شتي أنواع السباب التي تدل علي تلك الحيلة النفسية المستهلكة لحظة العجز عن ممارسة الحوار العلمي المتبصر، وهو قطعا ما يعاب علي الحركات الإسلامية للأسف الشديد. والملاحظ أن هذه الاتهامات هي التي تروجها الأوساط الإسلامية ضد الأنصاري بعد تحريره للكتاب الأخير، والسبب أنه رئيس المجلس العلمي لمدينة مكناس.
وفي خاتمة كتاب البيان الدعوي ، استشهد الأنصاري بحكمة بالغة لبديع الزمان سعيد النورسي، مفادها أن نسبة الأخلاق والعبادة وأمور الآخرة والفضيلة في الشريعة هي تسع وتسعون بالمائة، بينما نسبة السياسة لا تتجاوز الواحد بالمائة . والملاحظ أن هذه الحقيقة تغيب عن كثير من الدعاة اليوم، غير آبهين بالخطر المحدق بهم، ألا وهو الحصار الأخلاقي الذي لا تفتأ المؤسسات الدولية والمحلية المعادية للمشروع الإسلامي تضربه علي الشعوب الإسلامية . ومن هنا، تبقي أولي الأولويات الدعوية للمشروع الإسلامي المعاصر إنما هي الدعوة الخلقية. والواقع أن العديد من العاملين للإسلام لدعوته يغترون بالوجه السياسي المحارب للمشروع الإسلامي، فيجعلون ذلك أساس المعركة ورأس الأولويات الدعوية في أوطانهم، بينما غالبا ما يخفي ذلك الوجه خطة أخطر من ذلك، وأدهي هي تقويض صرح الشعور الديني لدي مختلف الشرائح الشعبية في البلاد الإسلامية. ونحن نفترض أنهم يجعلون العمل السياسي في رأس الأولويات الدعوية .
إذا أخذنا بعين الاعتبار التحذيرات التي توقف عندها الأنصاري منذ سنوات، فإننا نفهم اليوم حقائق المعلومات الصادمة والخطيرة التي جاءت في كتابه الأخطاء الستة ، لأنها تعلن بشكل واضح نهاية المشروع الإسلامي، ولو أن أهل الإسلام السياسي، وخاصة جماعة العدالة والتنمية، سوف يتهربون من مواجهة هذه المعلومات والحقائق، ويلجأون، إلي الضغط علي بعض الأسماء من أجل نشر ردود تتهم الرجل وتحط من قيمته كرامته، كما حصل مع الاتهامات التي قيلت في حقه مؤخرا في بعض المواقع الإلكترونية، أو نشر ردود من أسماء كانت قيادية سابقا، كما حصل مع الردود التي نشرها أحمد الريسوني.
ومن هذه الأرضية/ نستوعب خطورة تأكيد الأنصاري علي أن اتخاذ حزب سياسي كان أكبر خطيئة وقعت فيها الحركة الإسلامية بالمغرب، حيث انتقلوا من مقاصد العبادات إلي مقاصد العادات، ألهاهم التلميع والتسميع، وانخرط كثير منهم في الحزب علي حرف.
وأن اتخاذ الحزب في العمل الإسلامي هو أشبه ما يكون باتخاذ العجل في قصة بني إسرائيل. إنه ما أمضت الحركة الإسلامية قرار المشاركة السياسية، حتي تطور ذلك القرار بشكل سرطاني من مجرد مشاركة إلي صورة تضخم سياسي، أتي علي الأخضر واليابس من منجزات العمل الإسلامي. لينتهي في الأخير إلي الخلاصة التي يكره أتباع الإسلام السياسي في المغرب سماعها: لقد كان يوم إعلان اتخاذ حزب سياسي واجهة للعمل الإسلامي بالمغرب هو يوم إعلان وفاة الحركة الدعوية، وبداية العد العكسي المنحدر نحو نهاية مشروع العمل الإسلامي بشموليته الكلية، وهويته الإسلامية. وأن ظروف المغرب وطبيعته المغايرة لكثير من بلدان العالم العربي والإسلامي لا تتحمل أبدا وجود حركة إسلامية في ثوب حزب سياسي.
2 ـ وعن الميزة الثانية، والتي تتعلق بالكشف عن أخطاء التيار السلفي الوهابي بالمغرب، يري الكاتب بأن الدعوة السلفية بالمغرب، ورغم إيجابياتها الكثيرة، لم تسلم حسب الكاتب من اختلال موازين ثلاثة، أدت إلي تمزقها وذهاب ريحها، وهذه الموازين الثلاثة هي:
ـ اختلال ميزان الحكمة، حيث لم تراع مقتضيات البيئة المغربية وطبيعة أدْوائها، ما تطيقه من أمور الدعوة والإصلاح وما لا تطيقه. وقد كانت أول صخرة اصطدم بها الفكر السلفي الدخيل هي صخرة المذهبية، فقد كان من أخطائه المنهجية الكبري أنه استهان بأمر الخصوصيات المذهبية للمغرب؛ فأدي ذلك إلي فشل مشروعه الإصلاحي.
ـ اختلال ميزان الإنصاف، حيث إنها ظلمت كثيرا من خصومها من أهل العلم والصلاح، من ذوي الاجتهادات المختلفة، ولم تعترف لهم بفضيلة البتة.
ـ اختلال ميزان الحِلم، وذلك بما مارسته من شدة مفرطة في النقد، والهجوم علي كثير من علماء المسلمين، ممن ابتلاهم الله بالابتداع ـ الحقيقي أو الإضافي ـ في العقائد والعبادات؛ أو حتي ممن خالفهم في الاجتهاد الفقهي المحض.
وبالنسبة لأخطاء المنهجية للتيار السلفي في تدبير الشأن الدعوي بالمغرب، فتكمن في النقاط التالية: استيراد المذهبية الحنبلية باسم الكتاب والسنة ، الغلو في التحقيقات العقدية، مواجهة التصوف بإطلاق، تضخم الشكلانية المظهرية، ثم، الارتباط المادي المشروط ببعض الدول المشرقية، ويقصد بالدرجة الأولي المملكة العربية السعودية.
نحن نري بأن الكتاب هام وضروري قراءته بأعين الباحث عن أسباب انحدار ظاهرة الإسلام السياسي، علي الأقل علي المدي المتوسط والبعيد، وهو أمر نتجه إليه لا محالة، وسوف نتأكد منه بشكل لا لبس فيه، عندما يحصل حزب العدالة والتنمية علي مقاعد وزارية في حكومة ما بعــد انتخابات
أيلول (سبتمبر)2007


(يونس احرمات)


كاتب من المغرب


12/06/2007(خدمة القدس العربي)

samedi 9 juin 2007

(عيون وآذان (لم توجد يوماً

05/06/07

يوافق اليوم الذكرى الأربعين لاحتلال ما بقي من أراضي فلسطين، ذكرى حرب حزيران (يونيو) التي اعتبرت نكسة مع أنها نكبة ثانية.

اكتفي اليوم بمختارات ذاتية من التاريخ الحقيقي للنكبة وبعض ذكريات العمل.

- فلسطين الانتداب كلها أرض محتلة، والمؤرخون الاسرائيليون الجدد أصبحوا يعترفون بوجود الفلسطينيين في بلادهم وخرافة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض».

- الفلسطينيون اليوم يقبلون 22 في المئة من أرضهم التاريخية لإقامة وطنهم، غير أن اسرائيل لا تقبل، وهناك مثل فلسطيني «رضينا بالهم، الهم ما رضي فينا».

- خلفية 5/6/1967 اشتباكات حدودية بين سورية واسرائيل، وكان الشائع في حينه أن السوريين هم البادئون، الا تقارير دولية لاحقة أثبتت ان اسرائيل كانت تتحرش بسورية، ورئيس الأركان في حينه اسحق رابين هدد بغزو سورية التي استنجدت بمصر بموجب اتفاق الدفاع المشترك.

- الرئيس جمال عبدالناصر لم يكن يريد حرباً، فنصف جيشه في اليمن، إلا انه طرد قوة السلام الدولية من سيناء وأرسل قوات مصرية مكانها، ثم أغلق مضيق العقبة أمام الملاحة الاسرائيلية. وجاء في مذكرات اسحق شامير بعد ذلك أن اسرائيل كانت تعرف أن مصر لا تنوي الهجوم عليها، لأن توزيع القوات المصرية في سيناء لم يكن هجومياً.

- في أواخر أيار (مايو) وصل أحمد الشقيري، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الى مطار عمان، وذهبت مع الحاج علي الدجاني، رحمه الله، لاستقباله ووجدنا جمهوراً كبيراً حول الطائرة. وفجأة صرخ الشقيري: أين الحقيبة؟ ضاعت الحقيبة، فقد سرقت حقيبة يده وأعيدت اليه في الفندق. كان يتحدث الفصحى غالباً.

- كنت رئيس نوبة العمل في وكالة رويترز في بناية الأونيون بمحاذاة حديقة الصنايع، صباح الخامس من حزيران. وكان يفترض أن تكون النوبة ست ساعات فاستمرت خمسة أيام، بدأت بخبر من اسرائيل أن القوات المصرية هجمت عبر الحدود، وبعده بساعة خبر مصري عن اسقاط طائرات اسرائيلية مغيرة، وانتهت في العاشر من حزيران، وقد أصبحت الأخبار تأتي من «القدس»، أي اسرائيل، بعدما كانت تأتي من «القدس الشرقية»، أي العربية، و «القدس الغربية»، أي اسرائيل.

- «اسرائيل» دولة عسكرية توسعية تقوم على خرافات دينية، وهي على رغم القرار 242 ضمت القدس وبدأت بناء المستوطنات، ونعرف اليوم أن تيودور ميرون، من وفد اسرائيل لدى الأمم المتحدة، أرسل دراسة الى وزير الخارجية أبا إيبان، وصلت الى رئيس الوزراء ليفي اشكول تقول إن بناء مستوطنات مدنية في الاراضي المحتلة ينتهك ميثاق جنيف الرابع، فهو يمنع تسفير المدنيين من الأراضي المحتلة، كما يمنع دولة الاحتلال من ارسال مواطنيها الى الأراضي المحتلة. والصليب الأحمر الدولي شرح الموضوع بالقول إن الحاجة الى هذا النص سببها ان بعض الدول في الحرب العالمية الثانية، أي المانيا، أرسل مواطنيه للاقامة في أراض محتلة. بكلام آخر، الناجون من النازية عملوا مثل النازيين تماماً في الأراضي المحتلة، ونحن نعرف هذا عن اسرائيل، إلا أن تيودور ميرون قدم شهادة شاهد من أهلها.

- هناك في اسرائيل، أمس واليوم، من يسعى الى اسرائيل كبرى، لم توجد يوماً، بل ان اسرائيل الصغرى لم توجد، فقد كانت هناك دويلة قبل ثلاثة آلاف سنة دامت حوالى 80 سنة فقط، والآن وبعد 40 سنة من الاحتلال لا تزال اسرائيل ترفض الانسحاب وقيام دولة فلسطينية، وقد رفضت مبادرة السلام العربية.

- الاحتلال الأصلي 1947 – 1948، والاحتلال الثاني 1967 و «حماس» قامت في 1987، ونحن الآن في 2007. بعد 20 سنة من فشل المشروع القومي قام المشروع الديني، وفشل المشروعان، وهما يقتتلان الآن في أرض فلسطين.

وأريد أن أكمل بشيء عن «الكاريزما» أو تلك الجاذبية السياسية التي تصل بالمجذوبين (وأنا استعمل هذه الكلمة هنا بالمعنيين المعروفين) الى حد الانبهار الذي يحجب البصر والبصيرة.

تركت بيروت في 10 حزيران 1967، وقد ضاعت القدس، الى الأردن والى الغور، ورأيت هناك بين الأشجار فلسطينيين ينزحون للمرة الثانية، ويحملون ما استطاعوا من ممتلكاتهم القليلة معهم، كان الراديو يذيع خطاب استقالة جمال عبدالناصر، وقد تحلق النازحون الجدد حوله يبكون، وبينهم شاب، أعتقد بأنه من حزب التحرير الاسلامي ثار، وأخذ يصرخ: يا ناس، هذا الذي شردكم، لماذا تبكون عليه؟

الناس ثاروا وهجموا على الشاب وأوسعوه ضرباً، ولولا وجود بعض المسنين العقلاء الذين تدخلوا لحمايته لكان قتل.

عبدالناصر خسر حرب 1967 والقدس مع سيناء، وخرج خمسة ملايين في جنازته، وأنور السادات فاز في حرب 1973، أو تعادل، وخرج في جنازته 500 أجنبي. وبقيت جنازة عبدالناصر تحتل الرقم القياسي في كتاب غينيس حتى كانت جنازة آية الله الخميني الذي مات بعد أن خسر الحرب ضد العراق.

لم أفاجأ بطغيان كاريزما جمال عبدالناصر سنة 1967، لأنني كنت رأيت قبل ذلك كيف يستطيع أن يجعل الناس يؤيدون موقفاً وعكسه في دقيقة واحدة.

بعد انفصال سورية سنة 1961 عن الجمهورية العربية المتحدة وقف جمال عبدالناصر في مجلس الشعب وأعلن انه قرر ارسال قوات لقمع الانفصال، وأطلق الأعضاء هتافات التأييد لقرار الرئيس، إلا ان جمال عبدالناصر طلب من الأعضاء أن يسكتوا وأكمل قائلاً إنه عاد وفكر في الموضوع ورأى ان ارسال قوات مصرية سيؤدي الى قتل عرب بأيدي عرب، لذلك قرر عدم ارسال أي قوات. وهتف أعضاء مجلس الشعب بحماسة مؤيدين القرار الثاني كما أيدوا القرار الأول.


...هكذا نحن

"جهاد الخازن"

("خدمة جريدة "الحياة)

HIVالختان يقلل من خطر الاصابة بفيروس


<اثبتت أبحاث أجريت في افريقيا أن الختان بين الرجال يقلل من خطر اصابتهم بفيروس الـ بنسبة 50في المئة HIV

وكانت نتائج الأبحاث من الاقناع بحيث أوقفت معاهد الصحة الأمريكية التجارب في الحال

وتؤكد هذه النتائج نتائج سابقة لتجارب أجريت في جنوب افريقيا

ويقول الخبراء ان النتائج مثيرة ولكنها لا تستدعي صرف النظر عن وسائل الوقاية الأخرى كاستخدام الواقي الذكري.

وكان من المقرر أن تنتهي التجربتان اللتان تجريان في أوغندا وكينيا بحلول شهري يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول من عام 2007 ولكن تقرر ايقافها بعد مراجعة البيانات. النزيف قليل الاحتمال

وقد توصلت التجارب التي أجريت في كينيا ان الختان يمنح مناعة بنسبة 53 في المئة بينما وجدت التجارب التي أجريت في أوغندا ان تلك النسبة تبلغ 48 في المئة.

وكانت تجارب أجريت في جنوب افريقيا العام الماضي بمشاركة 3280 رجلا قد بينت ان الختان يمنحة مناعة من عدوى فيروس ال HIV بنسبة 60 بالمئة.

وحين بدأ الأيدز بالانتشار في افريقيا لاحظ الباحثون ان الرجال المختونين كانوا أقل عرضة للعدوى ولكن لم يكن سبب ذلك واضحا.

وهناك عدة اسباب لكون الختان يقي من العدوى منها ان بعض خلايا الجلد الأمامي الذي يزال في عملية الختان قد تستهدف من قبل الفيروس وكذلك فان الجلد الواقع تحت الجلد الأمامي يصبح أقل حساسية ويكون أقل عرضة للنزيف مما يقلل من خطر العدوى.

وقد أظهرت دراسة أجراها خبراء في مرض الايدز ان ختان الذكور قد تمنع 6 ملايين حالة للاصابة
بفيروس ال

.HIV
(خدمة البي بي سي العربية)

نائب مغربي: الادوات المصرفية الاسلامية ستحفز النمو الاقتصادي

الرباط ـ من الامين الغانمي: قال محمد نجيب بوليف عضو البرلمان المغربي الخبير البارز في التمويل الاسلامي ان اقتصاد المغرب الذي يبلغ حجمه 52 مليار دولار سيحقق نموا اضافيا يبلغ 1.5 في المئة سنويا من الادوات الاسلامية التي ستبدأ بنوك مغربية طرحها الشهر المقبل.
وقال ان هذه الخطوة ستعمل أيضا علي رفع معدل استخدام الخدمات المصرفية بين سكان المغرب البالغ عددهم 30 مليون نسمة خلال السنوات القليلة المقبلة الي ما يزيد علي 30 في المئة من نحو 20 في المئة حاليا.
لكنه أضاف في مقابلة الخميس ان المغرب مازال يرفض السماح بقيام بنوك اسلامية انطلاقا من الخوف من أن يستفيد التيار الاسلامي المعارض من هذا النشاط.
وقال تقديراتنا أن المنتجات المصرفية الاسلامية الاولي ستجذب 30 مليار درهم (3.62 مليار دولار) من المدخرين وتضخ هذه الاموال في الاقتصاد بما يضيف 1.58 في المئة للنمو السنوي للاقتصاد . وقال بوليف ان هذا المبلغ الاجمالي الذي يعادل نحو ستة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي معطلة لان المدخرين والمستثمرين ذوي الميول الاسلامية يفضلون الاحتفاظ بأموالهم في البيت لانهم يعتقدون أن النظام المصرفي الحالي القائم علي الفائدة لا يلائم اعتقاداتهم.
وحتي العام الحالي كانت الحكومة ترفض اتجاه التمويل الاسلامي الذي يجتاح العالم الاسلامي. وقررت السلطات المالية السماح بطرح أدوات التمويل الاسلامي شريطة ان تعرض من خلال النظام المصرفي الحالي وألا يطلق عليها الصفة الاسلامية بل تسمي المنتجات البديلة.
وقال بوليف هناك اعتقاد بين بعض دوائر الاعمال والحكومة بأن الحركات الاسلامية هي المستفيد الوحيد من المنتجات المالية الجديدة .
وأضاف هذه الدوائر لديها أيضا اعتقاد بأن الادوات المصرفية الاسلامية قد تدعم الاسلاميين وهي تخشي أن تقدم مثل هذه البنوك الدعم المالي للاسلاميين . وأوضح أن تأخر دخول أساليب التمويل الاسلامي الي المغرب يرجع الي أسباب منها أن صفوة مجتمع الاعمال لها ميول غربية في التفكير ولم تعتد علي التعاملات المالية الاسلامية وأن البنوك الرئيسية المملوكة لعائلات تخشي منافسة البنوك الاسلامية.
ويقول بوليف ان من العوامل التي ساعدت في تغيير موقف الحكومة مطالب الاسلاميين مثل حزب العدالة والتنمية المعارض في البرلمان بالسماح بالتمويل الاسلامي وكذلك تنامي اهتمام المستثمرين العرب بالاستثمار في المغرب. ويضيف المستثمرون من منطقة الخليج العربية يرون في المغرب وجهتهم المقبلة وخاصة في العقارات والسياحة. وهؤلاء المستثمرون لن يأتوا الي هناك دون وجود أدوات اسلامية في النظام المصرفي المغربي .
ويريد المغرب زيادة عدد السياح الزائرين الي عشرة ملايين في عام 2010 من 6.5 مليون في الوقت الحالي ويسعي لزيادة الاستثمارات الاجنبية لبناء فنادق ومنشآت ترفيهية أخري.
وقال مسؤولون بالحكومة المغربية ان مستثمرين سعوديين منهم الامير الوليد بن طلال الذي يرأس شركة المملكة القابضة وغيرهم من قطر والكويت والامارات تعهدوا باستثمار مايزيد علي 15 مليار دولار في المغرب.
وقال بوليف هؤلاء الامراء يتطلعون لمزيد من الاستثمار في المغرب بفضل صلاتهم الودية مع الملك محمد عاهل المغرب والاستقرار الذي تتمتع به البلاد .
وستبدأ البنوك المغربية تقديم خدمات الاجارة والمشاركة والمرابحة الاسلامية في أوائل الشهر المقبل
(رويترز)
(خدمة القدس العربي)

قتال الاخوة

يتفق الكل بأن ما جري في حزيران (يونيو) سنة 1967 كان هزيمة مخجلة للعرب ولمشاريعهم بكل المقاييس، وخصوصا العسكرية منها. ومع ذلك كله، لا يمكن اعتماد المقاربة العسكرية وحدها لتحليل ما وقع، بل ـ وكما قال أحد الباحثين ـ ثمة ظواهر سياسية واجتماعية وثقافية نشأت عقب الحرب لا يستطيع أن يهتم بها التحليل العسكري، ولا حتي أن ينتبه إليها، وهي برسم اختصاصات أخري في الفكر والنظر تقع ضمن مشمولاتها. نكتفي منها بذكر ظواهر ثلاث تستوفي النظر:
ـ الظاهرة الأولي: هي نشوء وتنامي حالة المقاومة الشعبية ـ المدنية والمسلحة ـ بديلا من حالة المواجهة العربية الرسمية للاحتلال. وقد دشن الشعب الفلسطيني بذلك انطلاقة العمل الفدائي والكفاح المسلح.
ـ والظاهرة الثانية: هي صحوة الوعي السياسي العربي المعاصر في مواجهة حدث عسكري عارض ، حوله ـ بقراءة رصينة ـ إلي امتحان مجتمعي شامل.
ـ أما الظاهرة الثالثة : فهي تجنيد الرمزي والمقدس في الصراع ضد المشروع الصهيوني.
والأكيد هنا أن هذه الهزيمة هي التي هزت شعور الشعوب العربية من الخليج إلي المحيط، وجعلت الخطاب السياسي العربي عموما، والفلسطيني خصوصا يستيقظان من ضجيج الدعايات الديماغوجية والشعارات الجوفاء، وكان لا بد ـ أيضا ـ أن يستفيق الشعب الفلسطيني من هول الصدمة، ويستعيد ثقته بنفسه وقدرته علي مواجهة المحن.
وكان يجب انتظار هزيمة 1967، لينطلق الخطاب السياسي الفلسطيني، وليتخذ موقفا من القضايا التي استحدثت علي الساحة الفلسطينية والعربية والدولية بسبب تآمر الصهيونية والإمبريالية من جهة، وتقاعس الأنظمة العربية من جهة أخري. هذه الأنظمة التي كانت قبل سنة 1967 لا تفكر في إشكالية العوامل التي كانت تنخر كيانها من الداخل، وتقف عائقا أمام مشروعها الوطني والقومي والوحدوي، حيث كان وعيها ينصب عند كل مناسبة علي ربط هذه العوائق بالعوامل الخارجية المتمثلة في الإمبريالية و الصهيونية والغرب، والتحالف الإستراتيجي بينهما.
اما بعد هزيمة 1967 فقد بدأ شعور حاد ـ في أوساط الأنتلجنسيا والأنظمة العربية ـ بأن أسباب الإخفاق العربي ليست عسكرية وسياسية، ولا يمكن ردها إلي هذه العوامل حصرا، بل إن ذلك الإخفاق (الذي قد بلغ ذروته في خضم المشروع الناصري) كان يتقوي بفعل عوامل ذاتية وموضوعية: اجتماعية وثقافية عميقة كانت تهيئ شروط الكبوة الحضارية . هكذا بدأ الخطاب السياسي الفلسطيني يدرك أن الخطب العربية الثورية و الاشتراكية و الوحدوية و القومية و الدينية السائدة آنذاك والمدافعة عن قضية فلسطين قبل الهزيمة: كانت خطابات فارغة جوفاء، تعبر عن آمال أو مخاوف ليس غير، الشيء الذي جعلها تعكس أحوالا نفسية وليس حقائق موضوعية .
وفي ظل هذه الأوضاع المهزومة أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية فتح ـ وللمرة الأولي ـ خطابا سياسيا بصورة رسمية، حددت فيه الهدف النهائي لكفاحها التحرري. وقد جاء في إعلانها نحن نقاتل اليوم في سبيل إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية، يعيش فيها الفلسطينيون بكل طوائفهم ـ مسلمين، مسيحيين ويهودا ـ في مجتمع ديمقراطي تقدمي .
وكان هذا الإعلان بمثابة رفض واضح لهزيمة 1967علي كافة المستويات:
ـ اجتماعيا: شعر المواطن العربي أمام هول الهزيمة بالإحباط واليأس والمهانة، واقتنعت كل الأوساط الشعبية بفشل كل الإستراتيجيات الرسمية العربية في مواجهتها لإسرائيل، وأصيب العقل العربي بنوع من الصدمة جعلته يبقي شاردا لا يستطيع فهم ما يجري.
ـ سياسيا : عرت هذه الهزيمة واقع وحقيقة الأنظمة العربية، وفشل خطبها الإيديولوجية في كل أشكالها التقدمية و الثورية و الرجعية و الدينية .. وكشفت بالواضح أن السياسة العربية تجاه قضية فلسطين كانت مجرد سياسة الأوهام وسياسة البلاغة اللفظية، وأنها كانت تفتقر لأبسط الإستراتيجيات لمواجهة إسرائيل، وأن ما أنتجته من خطابات كان مجرد انفعالات إزاء الأحداث وليس تفاعلات معها. وفي جو اليأس والصدمة أخذ الخطاب الفلسطيني يبرز للوجود وسط مرحلة تميزت بنمو الوعي الكياني مع وتيرة البناء الكياني نفسه ، والذي انتهي إلي إقامة منظمة التحرير الفلسطينية بمؤسساتها المعروفة، حيث برز تطور غير عادي، علي كافة الأوساط الفلسطينية، في هدف تحقيق القيادة الجماعية وإعطائها أسلوبا جديدا في العمل. وهيمنت علي الخطاب السياسي الفلسطيني مفاهيم ومصطلحات ومنظومات جديدة، ذات دلالة ملأها الشعور بالكيان بالشخصية الفلسطينية و بالدولة الفلسطينية وبالشعب الفلسطيني، وجعل هذا الخطاب من الأرض رمز التحرر، ومن الشعب رمز السيادة، واعتبر قضية فلسطين فلسطينية بالدرجة الأولي وقومية بالدرجة الثانية، فتحدي كل وصاية عليها أو محاولة لإلغائها، مؤمنا بأن تحقيق النصر علي العدو وبلوغ الأهداف ينطلق من ضرب العدو في جميع مواقعه، وفي مواقع الارتباط بين حلقات قواه. وذلك باستعمال الأسلحة العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية ضمن خطة واحدة متكاملة.
وبذلك جاء الخطاب السياسي الفلسطيني خطابا مباشرا وصريحا، عكس الخطاب السياسي العربي الذي كان خطابا ضمنيا وغير مباشر، لأنه كما قال محمد عابد الجابري كان خطابا لا يمارس السياسة في الواقع الراهن بل يمارسها في واقع آخر .
وبهذا دشن الخطاب الفلسطيني مرحلة جديدة وفعلية للثورة الفلسطينية في مواجهة الصهيونية وعملائها، انطلاقا من وضع استراتيجيات جديدة وتكتيكات تكون قادرة علي تجاوز النكسة وزعزعة الكيان الصهيوني .
إن بداية نضج الفكر السياسي الفلسطيني جاءت بعد بروز الخطاب السياسي الفلسطيني: لتحقيق الذات الفلسطينية، وإبراز نضالها باعتباره طليعة النضال العربي للتحرير وليس العكس . وبالرغم من أن انطلاقة الثورة الفلسطينية كانت في عام 1965، إلا أنها لم تصبح من العوامل الفاعلة في الحياة السياسية العربية إلا بعد وقوع هزيمة حزيران (يونيو) 1967 التي شكلت التاريخ الرسمي لاستقلال الشخصية السياسية الفلسطينية كشخصية وطنية، لكنها لم تشكل، بالتأكيد البداية التاريخية الفعلية لذلك الاستقلال. نعم لقد أطلقت الهزيمة موجة من النقد للنظام العربي، ولسياسته الوصائية حيال القضية الفلسطينية، وموجة من التبشير بالخيار الثوري الفلسطيني الجديد بديلا من الخيار العربي المهزوم. وكانت وجهة النقد تستقر علي مطلب تحرير الإرادة الوطنية الفلسطينية من الحجر المفروض عليها، وتمكينها من التعبير عن نفسها .
ومع الاسف، وبعد نكبة 1948 ونكسة 1967 وبعد مرور40 سنة علي هذه النكسة، وفي الوقت الذي كان الكل فيه يراهن علي استمرار الفصائل الفلسطينية في الحفاظ علي قدسية الوحدة الفلسطينية كصخرة صمود لكل اختراق ها نحن نري فصائل فتح وحماس تحول قدسية الوحدة الفلسطينية الي رهينة سياسية مباحة في هذا الزمن الامريكي الصهيوني

"الدكتور ميلود بلقاضي"

(الأستاذ والكاتب والباحث المغربي)
(خدمة القدس العربي)

! مشاريع السلام العربية

! مشاريع السلام العربية

! بعد أربعين عاما من النكبة

! بعد أربعين عاما من النكبة

!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس

!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس