jeudi 28 juin 2007

! تبادل بين العرقنة واللبننة



عرقنة... لبننة... أمركة... أفغنة، مصطلحات نسمعها ونقرأها كثيراً في صحافتنا العربية والتحليلات السياسية التي تفيض بالاجتهادات في معرض تفسير القضايا العربية البارزة في واجهة الصراع الإقليمي. وقد باتت هذه المصطلحات خير تعبير عن التماثل القائم بين المحللين حتى لنكاد نشعر بأنهم يستمتعون بإطلاق هذه الأوصاف في معرض تشبيه واقع بلد «تعيس»، فلبنان «يعرقنونه» والعراق «يلبننونه» والانفتاح العربي على الولايات المتحدة يفسرونه بالأمركة. وإذا أمعنوا في التخوين، وهي الموضة السائدة في السياسات المتضاربة، فيذهبون الى حد التهويد، ليفصلوا رداءات نسبية على مقاس منظارهم الفكري والسياسي وليس على مقاس من يطلقون عليه الأوصاف.

ما معنى أن نقول للبناني الذي لم يزل يحتفظ بالحد الأدنى من الإقبال على الحياة بأن بلده مقبل على «العرقنة» وقد تشبّعت في ذاكرته وتغلغلت الى عمق بصره مشاهد القتل اليومي والتفجير الهمجي والصراع الخارج عن المنطق الجاري في العراق، علماً أن البارومتر الأمني والسياسي في لبنان يكاد يصل الى المستوى العنفي الذي بلغه في العراق؟ وما معنى أن نقول للعراقي الذي لم يعايش بالطبع 30 عاماً من الحروب، أن ما يشهده هو «اللبننة» بعينها، وأن حروبه مرشحة للتمديد على الطريقة اللبنانية؟ وما معنى أن نستنسخ مانشيتات العرقنة واللبننة ونحدث تبادلاً حربياً وتحدياً مفتوحاً للبلد الذي يتخطى في صراعاته الآخر، فنتبارى بعدد القتلى وحجم التفجيرات وكمية المؤامرات، ثم يأتي من يقول إن أنصار الأمركة هم وراء العرقنة واللبننة، وبأن العولمة تقضي بأن نستعير مآسي شعوبنا وآلامه، لتغدو بعض المصطلحات مخيفة في وقعها أكثر من فعل الحرب بحد نفسه.

قيل لنا إن مصطلح اللبننة كان سباقاً، وإن هذا التعبير أصبح شائعاً بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، إذ لم يجد المحللون تعبيراً أكثر بلاغة من «اللبننة» باعتبارها تفوقت على كل البلدان المصدّرة الحروب، فلا البلقنة، ولا الأفغنة كانتا كافيتين للاستعارة للدلالة على مدى العمق الذي بلغه الصراع في العراق. لذلك، لاقى مصطلح اللبننة لوصف الواقع العراقي شعبية كبيرة رغم أننا كنا نتمنى لو اتخذت اللبننة طابعها الإيجابي بحكم قيمة لبنان الحضارية وليس الحربية.

أما العرقنة، فقد استعرنا هذا التعبير منذ عام 2004 وبدء مسلسل التفجيرات لنرد الجميل الى العراق مقابل ما أخذه من لبننة، ونعم التبادل!

أحد المفكرين السياسيين، فسر الماء بعد الجهد بالماء عندما وصف العرقنة واللبننة بالقول: عرقنة لبنان تعني أن نأخذ أسوأ ما في العراق ولبننة العراق تعني أن نأخذ أسوأ ما في النظام اللبناني.

موقع على الانترنت فتح باب التصويت على السؤال التالي: هل تتوقع عرقنة لبنان؟ نعم ـ لا ـ لست أدري! وقد أصدرت إحدى لجان حقوق الإنسان في دولة عربية بياناً عنوانه «لبننة العراق وعرقنة سورية وسورنة المريخ» لنصل الى قاموس متكامل من المصطلحات المتشابهة في سياقها الدرامي.

وفي القمة العربية الأخيرة، وردت عبارة أمركة القمة العربية على لسان أحد المحللين، مما يعني تشرّبنا حضارة الكاوبوي القائمة على الصراع مع الهنود الحمر. وهذا التحليل يعطينا حق أن ننسب كل مصائبنا الى الأميركيين، لأن العرقنة واللبننة والأفغنة قائمة على الصراع البشري التاريخي على السلطة والنفوذ بدءاً من الكاوبوي، وصولاً الى المتناحرين من كل الألوان والأطياف.

بقي ثمة تمن بأن ننعم ـ نحن الشعوب المنكوبة بالصراعات اللامتناهية ـ بشيء من النروجة (نسبة الى النرويج) أو السويدنة (نسبة الى السويد الدولة ذات الحد الأدنى في الجريمة)، أو إذا أردتم أن تكونوا أقل إنصافاً، فنرضى بالتيبتة على غرار شعب التيبت

"كاتيا دبغي"
* صحافية لبنانية

Aucun commentaire:

! مشاريع السلام العربية

! مشاريع السلام العربية

! بعد أربعين عاما من النكبة

! بعد أربعين عاما من النكبة

!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس

!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس