غسان شربل الحياة - 03/06/07//
مع اقتراب الخامس من حزيران (يونيو)، ارى من واجبي ان أنبه القراء والمشاهدين العرب. سينهال عليهم الكتاب والمحللون بوجبة التعذيب السنوية. سيحاولون القول ان الأمة لم تقرأ في كتاب النكسة. ولم تستخلص العبر اللازمة. وانها تنتقل من قعر الى قعر. وان الحاضر سيئ وان المستقبل قاتم. وان النفق المعتم طويل طويل وان لا ضوء يلوح في نهايته. سينددون بالبوشية وارتكاباتها. وبعالم القطب الواحد. وغطرسة القوة العظمى الوحيدة. والامبريالية التي كشرت عن أنيابها. وبتحالفها مع الصهيونية. وبالهجمة الكولونيالية الجديدة. وبـ «المحافظين الجدد». و «الفوضى الخلاقة». وسيوزعون على القراء والمشاهدين وجبة مسمومة من أرغفة الإحباط واليأس.
لا اعتراض لدي على ما تقدم. لكنني أرى ضرورة عدم إغفال الجوانب المضيئة في أحوال الأمة. صحيح ان لدينا في العالم العربي 70 مليون أمي. وأننا لا نملك مدرسة تليق بالوقت الحاضر. وجامعة تليق بالمستقبل. لكن الصحيح ايضاً هو ان علينا الاعتراف بمستجدات لامعة. عندما انقضت الآلة العسكرية الاسرائيلية على الجيوش العربية في 1967 واحتلت ما احتلت كان علينا ان نصغي الى الإذاعات الرسمية وأحمد سعيد والفرار أحياناً الى «هيئة الإذاعة البريطانية». وكانت معظم صحفنا بمانشيتاتها ومقالاتها تكتب في أروقة وزارات الاعلام.
وضعنا أفضل اليوم. لدينا مئات الفضائيات العربية التي لا تنام ولا تترك المشاهد العربي ينام. وباب الخيار مفتوح. تستطيع العثور على فضائية تنطق باسم قوميتك المهيضة الجناح. أو مذهبك المستهدف. أو طائفتك المظلومة. أو منطقتك المحرومة. كانت لدينا حفنة من المعلقين. أماطت الفضائيات اليوم اللثام عن المناجم وثرواتها الدفينة. لدينا آلاف الخبراء والكتاب والمحللين السياسيين والاستراتيجيين وبعضهم قادر على التحليل والتنكيل في ملف الأرهاب وملفات الصحة والطبخ.
فضائيات. فضائيات. فضائيات.
تنقّل عزيزي المشاهد. بعض ما تسمع يكفي لإيقاظ أعمق عصبياتك وغرائزك. بعضه الآخر يصب الزيت على النار. يدفع الناس الى الاصطدام بالعصر. إلى الانضواء في رياح زعزعة الاستقرار. بعض الكلام يشجع على شحذ السكاكين. على إطلاق الحرب الأهلية. يبرر سلوك من ينتحر وينحر. مسكين جاء من الفقر. مسكين جاء من مشاعر الاحباط. مسكين لم يترك له «المحافظون الجدد» غير خيار الانفجار بباص يقل مواطنين عراقيين.
صحيح أن أرضنا تتصحر. والمواسم الزراعية شحيحة. وانتاجنا الصناعي متعثر. لكن الصحيح أيضاً أن الأمة تنام على ثروات لا تقدر بثمن. تملك عدداً هائلاً من «الخلايا النائمة». وقد تكون هذه الخلايا نوعاً من الجامعات السرية. لها كتبها وكومبيوتراتها ومختبراتها أيضاً. دورات التأهيل فيها جدية. كيف تصنع قنبلة من لا شيء؟ كيف تحتفظ بلياقتك كاملة؟ كيف ترتدي حزامك الناسف وتذهب إلى العرس المجاور ثم تلمع انجازاتك على شاشات الفضائيات.
السياحة ليست في خطر. والدليل أن الصحافي البريطاني جونستون اعترف بأنه يلقى أفضل معاملة لدى «جيش الإسلام» في غزة. والمسألة بسيطة. الافراج عنه مشروط بالافراج عن «سائح» اعتقل في بريطانيا واسمه «أبو قتادة».
الضيافة العربية عميقة الجذور. ولا حاجة للشكليات بين الأهل. لم يشعر شاكر العبسي بأي حاجة لاستئذان أحد لدخول لبنان والمرابطة في مخيم نهر البارد. يجب تفهم العوامل النفسية التي دفعته ورفاقه إلى محاولة إعلان «إمارة» في شمال لبنان اسوة بما حدث في الأنبار العراقية.
أتحدث عن الفضائيات ولا أعنيها كلها. بعضها يجمع المهنية العالية إلى مسؤولية رفيعة. لكن ما نسمعه من بعض «الكائنات الفضائية» ينذر بتحويل العرب أمة هائمة في الفضاء. كان حزيران 1967 زمن النكسة. حزيران الحالي زمن النكبة الكبرى.
dimanche 3 juin 2007
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
! مشاريع السلام العربية
! بعد أربعين عاما من النكبة
!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire