mardi 12 juin 2007

المغرب: عندما يعلن قيادي إسلامي عن نهاية الإسلام السياسي

هناك العديد من الميزات التي نجدها في كتاب الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب ، الذي أحدث رجة في أوساط حركات الإسلام السياسي مؤخرا، وقد ألفه الداعية فريد الأنصاري، وهو القيادي السابق في حركة التوحيد والإصلاح التي تتحكم اليوم في كواليس وقيادات والخط السياسي العامل حزب العدالة والتنمية.
1 ـ أول هذه الميزات، الاعتراف الخطير الذي يهدد مستقبل الحركات الإسلامية، عندما يعترف الكاتب بأن يوم إعلان اتخاذ حزب سياسي واجهة للعمل الإسلامي كان يوم إعلان وفاة الحركة الدعوية.
2 ـ أما الميزة الثانية، فتكمن في كشف الاختلالات الميدانية التي سقطت فيها التيارات السلفية الوهابية، ويتحدث أساسا، عن الانزلاقات التي ميزت استيراد المغرب للسلفية الوهابية في عهد وزير الأوقاف السابق، عبد الكبير العلوي المدغري.
3 ـ وهناك ميزة ثالثة وتفتح أعيننا علي نقاط قلما تطرق إليها الكتاب والباحثون و المحللون المغاربة، خلال السنين الأخيرة، وخاصة بعد الاعتداءات الإرهابية التي ضربت الدار البيضاء يوم 16 ايار (مايو) 2003، فمن المعروف أنه بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة لهذا العام، اكتشف الرأي العام المغربي العديد من المحللين و الخبراء في موضوع الحركات الأصولية، مما اعتبر أضحوكة في الواقع، لأن الحقيقة، أن الساحة المغربية تضم قلة قليلة من الأقلام التي تشتغل علي هذا الملف، وتكاد تعد علي أصابع اليد الواحدة فقط، والمضحك، أن فضائية عربية، استدعت رئيس تحرير أسبوعية مغربية (ومقرها في الرباط) علي هامش اعتداءات الدار البيضاء الأخيرة، وهو صحافي ينتمي سياسيا إلي حزب في حكومة الوزير الأول ادريس جطو، ولا يفقه شيئا في حركات الإسلام السياسي، والنكتة، أنها عرفته بأنه متخصص في الحركات الأصولية.
ومن هنا، تكمن أهمية كتاب الأخطاء الستة ، لأنه يفتح أعيننا علي قراءة دقيقة وهادئة في بعض أطياف حركات الإسلام السياسي، وقد حررها عضو كان قياديا نافذا سابقا، أي يتحدث انطلاقا من وقائع وأحداث وأشخاص، وليس جالسا في مقاهي الرباط والدار البيضاء، أو في أحد الأبراج العاجية، ويعتقد أنه يفهم الكثير ومتخصص أكثر في موضوع الحركات الإسلامية.
بعد أن توقفنا قليلا عند هذه الميزة الثالثة، لا بد لنا من العودة إلي بعض التفاصيل بخصوص الخاصيتين الأولي والثانية.
1 ـ فبالنسبة للأولي، نري أولا، أنه من أجل فهم رسائل الأخطاء الستة، لا بد من العودة إلي كتاب سابق ألفه فريد الأنصاري، وعنوانه البيان الدعوي وظاهرة التضخم السياسي ، لأن ما جاء في كتاب الأخطاء الستة كان تتمة وتكريسا لما جاء في الكتاب الأول، حيث قال فيه، علي سبيل المثال لا الحصر، انه يهدف من تأليفه الإسهام في معالجة الإشكال الحاصل في الميدان الدعوي، وبالتحديد، علاقة السياسي بالدعوي في مشروع التجديد الإسلامي، وموقع المسألة السياسية من مشروع التجديد الإسلامي.
كما استنكر الأنصاري في كتابه الأول عدم استجابة الحركات الإسلامية للحوار الهادئ داخليا وخارجيا، بأن تدع أسلوب الاتهام الإيديولوجي الذي كانت تنعاه علي الاتجاهات الماركسية في السابق، كأسلوب للتخلص السهل من الرأي الآخر، عبر رمي صاحبه بالتخاذل، والجبن، والعمالة للمخابرات، والانحياز إلي النظام، والركون إلي الذين ظلموا.. إلخ من شتي أنواع السباب التي تدل علي تلك الحيلة النفسية المستهلكة لحظة العجز عن ممارسة الحوار العلمي المتبصر، وهو قطعا ما يعاب علي الحركات الإسلامية للأسف الشديد. والملاحظ أن هذه الاتهامات هي التي تروجها الأوساط الإسلامية ضد الأنصاري بعد تحريره للكتاب الأخير، والسبب أنه رئيس المجلس العلمي لمدينة مكناس.
وفي خاتمة كتاب البيان الدعوي ، استشهد الأنصاري بحكمة بالغة لبديع الزمان سعيد النورسي، مفادها أن نسبة الأخلاق والعبادة وأمور الآخرة والفضيلة في الشريعة هي تسع وتسعون بالمائة، بينما نسبة السياسة لا تتجاوز الواحد بالمائة . والملاحظ أن هذه الحقيقة تغيب عن كثير من الدعاة اليوم، غير آبهين بالخطر المحدق بهم، ألا وهو الحصار الأخلاقي الذي لا تفتأ المؤسسات الدولية والمحلية المعادية للمشروع الإسلامي تضربه علي الشعوب الإسلامية . ومن هنا، تبقي أولي الأولويات الدعوية للمشروع الإسلامي المعاصر إنما هي الدعوة الخلقية. والواقع أن العديد من العاملين للإسلام لدعوته يغترون بالوجه السياسي المحارب للمشروع الإسلامي، فيجعلون ذلك أساس المعركة ورأس الأولويات الدعوية في أوطانهم، بينما غالبا ما يخفي ذلك الوجه خطة أخطر من ذلك، وأدهي هي تقويض صرح الشعور الديني لدي مختلف الشرائح الشعبية في البلاد الإسلامية. ونحن نفترض أنهم يجعلون العمل السياسي في رأس الأولويات الدعوية .
إذا أخذنا بعين الاعتبار التحذيرات التي توقف عندها الأنصاري منذ سنوات، فإننا نفهم اليوم حقائق المعلومات الصادمة والخطيرة التي جاءت في كتابه الأخطاء الستة ، لأنها تعلن بشكل واضح نهاية المشروع الإسلامي، ولو أن أهل الإسلام السياسي، وخاصة جماعة العدالة والتنمية، سوف يتهربون من مواجهة هذه المعلومات والحقائق، ويلجأون، إلي الضغط علي بعض الأسماء من أجل نشر ردود تتهم الرجل وتحط من قيمته كرامته، كما حصل مع الاتهامات التي قيلت في حقه مؤخرا في بعض المواقع الإلكترونية، أو نشر ردود من أسماء كانت قيادية سابقا، كما حصل مع الردود التي نشرها أحمد الريسوني.
ومن هذه الأرضية/ نستوعب خطورة تأكيد الأنصاري علي أن اتخاذ حزب سياسي كان أكبر خطيئة وقعت فيها الحركة الإسلامية بالمغرب، حيث انتقلوا من مقاصد العبادات إلي مقاصد العادات، ألهاهم التلميع والتسميع، وانخرط كثير منهم في الحزب علي حرف.
وأن اتخاذ الحزب في العمل الإسلامي هو أشبه ما يكون باتخاذ العجل في قصة بني إسرائيل. إنه ما أمضت الحركة الإسلامية قرار المشاركة السياسية، حتي تطور ذلك القرار بشكل سرطاني من مجرد مشاركة إلي صورة تضخم سياسي، أتي علي الأخضر واليابس من منجزات العمل الإسلامي. لينتهي في الأخير إلي الخلاصة التي يكره أتباع الإسلام السياسي في المغرب سماعها: لقد كان يوم إعلان اتخاذ حزب سياسي واجهة للعمل الإسلامي بالمغرب هو يوم إعلان وفاة الحركة الدعوية، وبداية العد العكسي المنحدر نحو نهاية مشروع العمل الإسلامي بشموليته الكلية، وهويته الإسلامية. وأن ظروف المغرب وطبيعته المغايرة لكثير من بلدان العالم العربي والإسلامي لا تتحمل أبدا وجود حركة إسلامية في ثوب حزب سياسي.
2 ـ وعن الميزة الثانية، والتي تتعلق بالكشف عن أخطاء التيار السلفي الوهابي بالمغرب، يري الكاتب بأن الدعوة السلفية بالمغرب، ورغم إيجابياتها الكثيرة، لم تسلم حسب الكاتب من اختلال موازين ثلاثة، أدت إلي تمزقها وذهاب ريحها، وهذه الموازين الثلاثة هي:
ـ اختلال ميزان الحكمة، حيث لم تراع مقتضيات البيئة المغربية وطبيعة أدْوائها، ما تطيقه من أمور الدعوة والإصلاح وما لا تطيقه. وقد كانت أول صخرة اصطدم بها الفكر السلفي الدخيل هي صخرة المذهبية، فقد كان من أخطائه المنهجية الكبري أنه استهان بأمر الخصوصيات المذهبية للمغرب؛ فأدي ذلك إلي فشل مشروعه الإصلاحي.
ـ اختلال ميزان الإنصاف، حيث إنها ظلمت كثيرا من خصومها من أهل العلم والصلاح، من ذوي الاجتهادات المختلفة، ولم تعترف لهم بفضيلة البتة.
ـ اختلال ميزان الحِلم، وذلك بما مارسته من شدة مفرطة في النقد، والهجوم علي كثير من علماء المسلمين، ممن ابتلاهم الله بالابتداع ـ الحقيقي أو الإضافي ـ في العقائد والعبادات؛ أو حتي ممن خالفهم في الاجتهاد الفقهي المحض.
وبالنسبة لأخطاء المنهجية للتيار السلفي في تدبير الشأن الدعوي بالمغرب، فتكمن في النقاط التالية: استيراد المذهبية الحنبلية باسم الكتاب والسنة ، الغلو في التحقيقات العقدية، مواجهة التصوف بإطلاق، تضخم الشكلانية المظهرية، ثم، الارتباط المادي المشروط ببعض الدول المشرقية، ويقصد بالدرجة الأولي المملكة العربية السعودية.
نحن نري بأن الكتاب هام وضروري قراءته بأعين الباحث عن أسباب انحدار ظاهرة الإسلام السياسي، علي الأقل علي المدي المتوسط والبعيد، وهو أمر نتجه إليه لا محالة، وسوف نتأكد منه بشكل لا لبس فيه، عندما يحصل حزب العدالة والتنمية علي مقاعد وزارية في حكومة ما بعــد انتخابات
أيلول (سبتمبر)2007


(يونس احرمات)


كاتب من المغرب


12/06/2007(خدمة القدس العربي)

Aucun commentaire:

! مشاريع السلام العربية

! مشاريع السلام العربية

! بعد أربعين عاما من النكبة

! بعد أربعين عاما من النكبة

!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس

!"مجلس النواب الأمريكي يهنئ اسرائيل في الذكرى ال40 "لاعادة توحيدالقدس